کد مطلب:186141 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:388

وصایاه
و من الوسائل التی اتبعها أئمتنا علیهم السلام للنهوض بالمجتمع هی وصایاهم الكثیرة، الحافلة بالارشاد و التوجیه للأمة، و لو جمعت هذه الوصایا فی مصنف مستقل لسدت فراغا كبیرا فی المكتبة الأخلاقیة، لما حوته من نصائح و حكم و دعوة الی الخیر و الفضیلة.

و فی هذه الصفحات بعض ما ورد من وصایا الامام علی بن الحسین علیه السلام:

1 - من وصیة له علیه السلام لابنه الامام الباقر علیه السلام:

یا بنی انظر خمسة فلا تصاحبهم و لا تحادثهم و لا ترافقهم فی طریق.

فقال: یا أبت من هم عرفنیهم؟

قال: ایاك و مصاحبة الكذاب، فانه بمنزلة السراب، یقرب البعید، و یبعد لك القریب، و ایاك و مصاحبة الفاسق، فانه بایعك بأكلة أو أقل من ذلك، و ایاك و مصاحبة البخیل، فانه یخذلك فی ماله أحوج ما تكون الیه؛ و ایاك و مصاحبة الأحمق، فانه یرید أن ینفعك فیضرك، و ایاك و مصاحبة القاطع لرحمه فانی و جدته ملعونا فی كتاب الله عزوجل فی ثلاثة مواضع، قال الله عزوجل: (فهل عسیتم ان تولیتم أن تفسدوا فی الأرض و تقطعوا أرحامكم أولئك الذین لعنهم الله فأصمهم و أعمی أبصرهم) و قال عزوجل: (و الذین ینقضون عهد الله من بعد میثقه و یقطعون مآ أمر الله به أن یوصل و یفسدون فی الأرض أولئك لهم اللعنة و لهم سوء الدار) و قال فی البقرة: (الذین ینقضون عهد الله من بعد میثقه و یقطعون مآ أمر الله به أن یوصل و یفسدون فی الأرض أولئك هم الخسرون) [1] .



[ صفحه 275]



2 - من وصیة له علیه السلام لبعض أصحابه:

قال أبوحمزة الثمالی: كان علی بن الحسین یقول لأصحابه: أحبكم الی الله أحسنكم عملا، و ان أعظمكم عند الله عملا أعظمكم فیما عند الله رغبة، و ان أنجاكم من عذاب الله أشدكم خشیة لله، و ان أقربكم من الله أوسعكم خلقا، و ان أرضاكم عند الله أسبغكم علی عیاله، وان أكرمكم عند الله أتقاكم لله تعالی [2] .

3 - من وصیة له علیه السلام أوصی بها الزهری:

قال الامام الباقر علیه السلام: دخل محمد بن مسلم بن شهاب الزهری علی علی بن الحسین علیه السلام و هو كئیب حزین، فقال له: ما لك مغموما؟

قال: یا ابن رسول الله هموم و غموم تتوالی علی لما امتحنت به من جهة حساد نعمی، و الطامعین فی، و ممن أرجوه، و ممن أحسنت الیه فیخلف ظنی.

فقال له علی بن الحسین علیه السلام: احفظ علیك لسانك تملك به اخوانك.

فقال الزهری: یا ابن رسول الله انی أحسن الیهم بما یبدر من كلامی.

فقال علیه السلام: هیهات هیهات، ایاك أن تعجب من نفسك بذلك، و ایاك أن تتكلم بما یسبق الی القلوب انكاره و ان كان عندك اعتذاره، فلیس كل ما تسمعه شرا یمكنك أن توسعه عذرا.

ثم قال: یا زهری من لم یكن عقله من أكمل ما فیه كان هلاكه من أیسر ما فیه، یا زهری أما علیك أن تجعل المسلمین منك بمنزلة أهل بیتك، فتجعل كبیرهم بمنزلة والدك، و تجعل صغیرهم بمنزلة ولدك، و تجعل تربك منهم بمنزلة أخیك. فأی هؤلاء تحب أن تظلم، و أی هؤلاء تحب أن تدعو علیه، و أی هؤلاء تحب أن تهتك ستره، و ان عرض لك ابلیس لعنه الله بأن لك فضلا علی أحد من أهل القبلة، فانظر ان كان أكبر منك فقل: قد سبقنی بالایمان و العمل الصالح فهو خیر منی، و ان كان أصغر منك فقل: قد سبقته بالمعاصی و الذنوب فهو خیر منی، و ان كان تربك فقل: أنا علی یقین من ذنبی و من شك من أمره، فلم لا أدع یقینی لشكی، و ان رأیت المسلمین یعظمونك و یوقرونك و یبجلونك فقل: هذا فضل أخذوا به، و ان رأیت منهم جفاء و انقباضا فقل:



[ صفحه 276]



هذا لذنب أحدثته، فانك ان فعلت ذلك سهل الله علیك عیشك، و كثر أصدقاؤك، وقل أعداؤك، و فرحت بما یكون من برهم، و لم تأسف علی ما یكون من جفائهم.

و اعلم أن أكرم الناس علی الناس من كان خیره علیهم فایضا، و كان عنهم مستغنیا متعففا، و أكرم الناس بعده علیهم من كان مستعففا و ان كان الیهم محتاجا، فانما أهل الدنیا یتعقبون الأموال، فمن لم یزدحمهم فیما یتبقونه كرم علیهم، و من لم یزاحمهم فیها و مكنهم من بعضها كان أعز و أكرم [3] .

4 - من وصیة له علیه السلام لأصحابه:

عن أبی حمزة الثمالی قال: قال علی بن الحسین علیه السلام لأصحابه: أوصیكم اخوانی بالدار الآخرة و لا أوصیكم بدار الدنیا فانكم علیها حریصون، و بها متمسكون، أما بلغكم ما قال عیسی بن مریم علیه السلام للحواریین؟ فانه قال: الدنیا قنطرة فاعبروها و لا تعمروها. و قال: أیكم یبنی علی موج البحر دارا، تلكم دار الدنیا فلا تتخذوها قرارا [4] .

5 - قال الامام الباقر علیه السلام: كان علی بن الحسین علیه السلام یقول لولده: اتقوا الكذب، الصغیر منه و الكبیر، فی كل جد و هزل، فان الرجل اذا كذب فی الصغیر اجتری ء علی الكبیر؛ أما علمتم أن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم قال: لا یزال العبد یصدق حتی یكتبه الله عزوجل صادقا، و لا یزال العبد یكذب حتی یكتبه الله كاذبا [5] .

6 - وصیته علیه السلام لسائر أصحابه و شیعته، و تذكیره ایاهم كل یوم جمعة:

أیها الناس اتقوا الله و اعلموا أنكم الیه راجعون، فتجد كل نفس ما عملت من خیر محضرا، و ما عملت من سوء تود لو أن بینها و بینه أمدا بعیدا و یحذركم الله نفسه؛ ویحك یا ابن آدم الغافل و لیس مغفولا عنه ان أجلك أسرع شی ء الیك قد أقبل نحوك حثیثا یطلبك، و یوشك أن یدركك، فكأن قد أوفیت أجلك و قد قبض الملك روحك، و صیرت الی قبرك وحیدا، فرد علیك روحك و اقتحم علیك ملكاك منكر و نكیر لمساءلتك، و شدید امتحانك، الا و ان أول ما یسألانك عن ربك الذی كنت تعبده،



[ صفحه 277]



و عن نبیك الذی أرسل الیك، و عن دینك الذی كنت تدین به، و عن كتابك الذی كنت تتلوه، و عن امامك الذی كنت تتولاه، و عن عمرك فیما أفنیت، و عن مالك من أین اكتسبته و فیما أنفقته فخذ حذرك، و انظر لنفسك، و أعد الجواب قبل الامتحان والمساءلة و الاختبار، فان تك مؤمنا عارفا بدینك، متبعا للصادقین، موالیا لأولیاء الله، لقاك الله حجتك، و أنطق لسانك بالصواب فأحسنت الجواب، و بشرت بالجنة و الرضوان من الله، و استقبلتك الملائكة بالروح و الریحان، و ان لم تكن كذلك تلجلج لسانك، و دحضت حجتك، و عییت عن الجواب، و بشرت بالنار، و استقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حمیم، و تصلیة جحیم.

و اعلم یا ابن آدم ان ما وراء هذا أعظم و أفظع و أوجع للقلوب، یوم القیامة، ذلك یوم مجموع له الناس و ذلك یوم مشهود، یجمع الله فیه الأولین و الآخرین یوم ینفخ فی الصور، و یبعثر فیه القبور، و ذلك یوم الآزفة اذا القلوب لدی الحناجر كاظمین، ذلك یوم لا تقال فیه عثرة، و لا تؤخذ من أحد فدیة، و لا تقبل من أحد معذرة، و لا لأحد فیه مستقبل توبة، لیس الا الجزاء بالحسنات و الجزاء بالسیئات، فمن كان من المؤمنین عمل فی هذه الدنیا مثقال ذرة من خیر وجده، و من كان من المؤمنین عمل فی هذه الدنیا مثقال ذرة من شر وجده.

فاحذروا أیها الناس من الذنوب ما قد نهاكم الله عنها و حذركموها فی الكتاب الصادق، و البیان الناطق، و لا تأمنوا مكر الله و تدمیره عندما یدعوكم الشیطان اللعین الیه من عاجل الشهوات و اللذات فی هذه الدنیا، فان الله یقول: (ان الذین اتقوا اذا مسهم طئف من الشیطن تذكروا فاذا هم مبصرون) واشعروا قلوبكم خوف الله، وتذكروا ما وعدكم فی مرجعكم الیه من حسن ثوابه كما قد خوفكم من شدید عقابه، فانه من خاف شیئا حذره، و من حذر شیئا تركه، و لا تكونوا من الغافلین المائلین الی زهرة الحیاة الدنیا الذین مكروا السیئات، و قد قال الله تعالی: (أفأمن الذین مكروا السیئات أن یخسف الله بهم الأرض أو یأتیهم العذاب من حیث لا یشعرون أو یأخذهم فی تقلبهم فما هم بمعجزین) أو یأخذهم علی تخوف، فاحذروا ما حذركم الله بما فعل بالظلمة فی كتابه، و لا تأمنوا أن ینزل بكم بعض ما توعد به القوم الظالمین فی كتابه، لقد وعظكم الله بغیركم، و ان السعید من وعظ بغیره، و لقد أسمعكم الله فی كتابه ما



[ صفحه 278]



فعل بالقوم الظالمین من أهل القری قبلكم حیث قال: (وأنشأنا بعدها قوما ءاخرین) و قال: (فلمآ أحسوا بأسنآ اذا هم منها یركضون) یعنی یهربون. قال: (لا تركضوا وارجعوا الی مآ أترفتم فیه و مسكنكم لعلكم تسئلون) فلما أتاهم العذاب (قالوا یویلنآ انا كنا ظلمین) فان قلتم أیها الناس ان الله انما عنی بهذا أهل الشرك، فكیف ذاك و هو یقول: (و نضع الموزین القسط لیوم القیمة فلا تظلم نفس شیئا و ان كان مثقال حبة من خردل أتینا بها و كفی بنا حسبین) اعلموا عباد الله أن أهل الشرك لا تنصب لهم الموازین، و لا تنشر لهم الدواوین و انما یحشرون الی جهنم زمرا، و انما تنصب الموازین، و تنشر الدواوین لأهل الاسلام فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الله لم یحب زهرة الدنیا لأحد من أولیائه، و لم یرغبهم فیها و فی عاجل زهرتها، و ظاهر بهجتها، فانما خلق الدنیا و خلق أهلها لیبلوهم فیها أیهم أحسن عملا لآخرته، و أیم الله لقد ضربت لكم فیه الأمثال، و صرفت الآیات لقوم یعقلون، فكونوا أیها المؤمنون من القوم الذین یعقلون و لا قوة الا بالله وازهدوا فیما زهدكم الله فیه من عاجل الدنیا، فان الله یقول و قوله الحق - (انما مثل الحیوة الدنیا كمآء أنزلنه من السمآء فاختلط به نبات الأرض مما یأكل الناس و الأنعم حتی اذا أخذت الأرض زخرفها و ازینت و ظن أهلهآ أنهم قدرون علیهآ أتهآ أمرنا لیلا أو نهارا فجعلنها حصیدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الأیت لقوم یتفكرون) فكونوا عباد الله من القوم الذین یتفكرون، و لا تركنوا الی الدنیا فان الله قال لمحمد صلی الله علیه و آله و سلم: (و لا تركنوا الی الذین ظلموا فتمسكم النار) و لا تركنوا الی هذه الدنیا و ما فیها ركون من اتخذها دار قرار، و منزل استیطان، فانها دار قلعة، و منزل بلغة، و دار عمل، فتزودوا الأعمال الصالحة قبل تفرق أیامها، و قبل الاذن من الله فی خرابها، فكأن قد أخرجها الذی عمرها أول مرة وابتدأها و هو ولی میراثها. و أسأل الله لنا و لكم العون علی تزود التقوی و الزهد فی الدنیا، جعلنا الله و ایاكم من الزاهدین فی عاجل هذه الحیاة الدنیا، الراغبین فی آجل ثواب الآخرة، فانما نحن له و به، والسلام علیكم و رحمة الله و بركاته [6] .



[ صفحه 279]




[1] أصول الكافي، 2 / 641. صفة الصفوة 2 / 56 بلفظ مقارب.

[2] زين العابدين للمقرم 141.

[3] الاحتجاج، 2 / 52.

[4] زين العابدين للمقرم 176.

[5] ارشاد القلوب، 1 / 178.

[6] تحف العقول، 182.