کد مطلب:127433 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:354

تمهید
مات أمیرالمؤمنین علیه السلام و فی قلبه آلام كبیرة من تخاذل أصحابه عنه، و انصرافهم عن نصرته، و بین أیدینا نهج البلاغة فهو مملوء بالشكوی منهم، و التذمر من فعالهم، فمرة یخاطبهم: لقد ملئتم قلبی قیحا، و شحنتم صدری غیظا، و جرعتمونی نغب التهمام أنفاسا، و أفسدتم علی رأیی بالعصیان و الخذلان.

و فی مرة أخری یقول لهم: اف لكم، لقد سئمت عتابكم، أرضیتم بالحیاة الدنیا من الآخرة عوضا، و بالذل من العز خلفا.

و یخطب فیهم و هو متذمر فیقول: أقوم فیكم مستصرخا و أنادیكم متغوثا، فلا تسمعون لی قولا، و لا تطیعون لی أمرا، حتی تكشف الأمور عن عواقب المساءة، فما یدرك بكم ثار،و لا یبلغ بكم مرام، دعوتكم الی نصر اخوانكم فجرجرتم جرجرة الجمل الاسر، و تثاقلتم تثاقل النضو الأدبر، ثم خرج الی منكم جند متذائب ضعیف (یساقون الی الموت و هم ینظرون).

و یبلغ به الیأس فیقول: الذلیل والله من نصرتموه، و من رمی بكم فقد رمی بأفوق ناصل.

و یصفهم علیه السلام فیقول: ما عزت دعوة من دعاكم، و لا استراح قلب من قاساكم، أعلیل بأضالیل دفاع ذی الدین المطول.

و یهددهم فیقول: و انی والله لأظن أن هؤلاء القوم سیدالون منكم باجتماعهم علی باطلهم و تفرقكم عن حقكم، و بمعصیتكم امامكم فی الحق، و طاعتهم امامهم فی الباطل.



[ صفحه 144]



و فی الوقت الذی كان فیه جیش الامام علیه السلام بالكیفیة التی مرت كان أعداؤه أطوع جیش لسائسهم، و أسمع جند لقائدهم حتی قال علیه السلام: صاحبكم یطیع الله و أنتم تعصونه، و صاحب أهل الشام یعصی الله و هو یطیعونه، لوددت والله أن معاویة صارفنی بكم صرف الدینار بالدرهم، فأخذ منی عشر منكم، و أعطانی رجلا منهم [1] .

و كان معاویة علی علم بجیش الامام و تمرده، فقد قال: كنت فی أطوع جند و أصلحه و كان فی أخبث جند و أعصاه [2] .


[1] هذه الفقرات من نهج البلاغة.

[2] الحسن بن علي لكامل سليمان 197.