کد مطلب:142636 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:268

الجواب
بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدلله

بل المشهد المنسوب الی الحسین بن علی - رضی الله عنهما - الذی بالقاهرة كذب مختلق، بلا نزاع بین العلماء المعروفین عند أهل العلم، الذین یرجع الیهم المسلمون فی مثل ذلك، لعلمهم و صدفهم. و لا یعرف عن عالم مسمی معروف بعلم و صدق أنه قال: ان هذا المشهد صحیح. و انما یذكره بعض الناس قولا عمن لا یعرف، علی عادة من یحكی من مقالات الرافضة [1] و أمثالهم من أهل الكذب.

فانهم ینقلون أحادیث و حكایات، و یذكرون مذاهب و مقالات. و اذا


طالبتهم بمن قال ذلك و نقله؟ لم یكن لهم عصمة یرجعون الیها. و لم یسموا أحدا معروفا بالصدق فی نقله، و لا بالعلم فی قوله. بل غایة ما یعتمدون علیه. أن یقولوا: أجمعت طائفة الحقة. و هم عند أنفسهم الطائفة الحقة، الذین هم عند أنفسهم المؤمنون، و سائر الأمة كفار.

و یقولون: انما كانوا علی الحق لأن فیهم الامام المعصوم، و المعصوم عند الرافضة الامامیة الاثنی عشریة [2] : هو الذی یزعمون أنه دخل سرداب سامرا بعد موت أبیه الحسن بن علی العسكری، سنة ستین و مائتین. و هو الی الآن لم یعرف له خبر، و لا وقع له أحد علی عین و لا أثر.

و أهل العلم بأنساب أهل البیت [3] یقولون: ان الحسن بن علی العسكری لم یكن له نسل و لا عقب. و لا ریب أن العقلاء كلهم لا یعدون مثل هذا القول.

و اعتقاد الامامة و العصمة فی مثل هذا: مما لا یرصاه لنفسه الا من هو أسفه الناس، و أضلهم و أجهلهم. و بسط الرد علیهم له موضع غیر هذا [4] .

و المقصود هنا: بیان جنس المقولات و المنقولات عند أهل الجهل و الضلالات.

فان هذا المنتظر عند الجهال الضلال: یزعمون أنه عند موت أبیه. كان عمره اما سنتین، أو ثلاثا، أو خمسا، علی اختلاف بینهم فی ذلك.

و قد علم بنص القرآن و السنة المتواترة، و جماع [5] الأمة: أن مثل هذا یجب أن یكون تحت ولایة غیره فی نفسه و ماله. فتكون نفسه محضونة مكفولة لمن


یستحق كفالته الشرعیة، تحت من یستحق النظر فی ماله من وصی أو غیره. و هو قبل السبع لا یؤمر بالصلاة. فاذا بلغ السبع أمر بها، فاذا بلغ العشر و لم یصل أدب علی فعلها. فكیف یكون مثل هذا اماما معصوما، یعلم جمیع الدین، و لا یدخل الجنة الا من یؤمن به؟!

ثم بتقدیر وجوده، و امامته و عصمته، انما یجب علی الخلق أن یطیعوا من یأمرهم بما أمرهم الله به و رسوله، و ینهاهم عما نهاهم عنه الله و رسوله، فاذا لم یروه و لم یسمعوا كلامه، لم یكن لهم طریق الی العلم بما یأمر به و ما ینهی عنه، فلا یجوز تكلیفهم طاعته، اذ لم یأمرهم یشی ء، و طاعة من لا یأمر، ممتنعة لذاتها، و ان قدر أنه یأمر، و لم یصل الیهم أمره، و لا یتمكنون من العلم بذلك، كانوا عاجزین غیر مطیقین لمعرفة ما أمروا به، و التمكن من العلم شرط فی الأمر، لاسیما عند الشیعة المتأخرین، فانهم من أشد الناس منعا لتكلیف ما لا یطاق، لموافقتهم المعتزلة فی القدر و الصفات أیضا.

و ان قیل: ان ذلك بسبب ذنوبهم، لأنهم أخافوه أن یظهر.

قیل: هب أن أعداءه أخافوه، فأی ذنب لأولیائه و محبیه، و أی منفعة لهم من الایمان به، و هو لا یعلمهم شیئا و لا یأمرهم بشی ء؟

ثم كیف جاز له - مع وجوب الدعوة علیه - أن یغیب هذه الغیبة التی لها الآن [6] أكثر من أربعمائة و خمسین سنة.

و ما الذی یسوغ له هذه الغیبة، دون آبائهم الموجودین قبل موتهم: كعلی، و الحسن، و الحسین، و علی بن الحسین، و محمد بن علی، و جعفر بن محمد، و موسی بن جعفر، و علی بن موسی، و محمد بن علی، و علی بن محمد، و الحسین بن علی العسكری؟!

فان هؤلاء كانوا موجودین یجتمعون بالناس و قد أخذ عن علی و الحسین


و الحسین، و علی بن الحسین، و محمد بن علی، و جعفر بن محمد - من العلم ما هو معروف عند أهله، و الباقون لهم سبر معروفة، و أخبار مكشوفة.

فما باله استحل هذا الاختفاء هذه المدة الطویلة أكثر من أربعمائة سنة، و هو امام الأمة، بل هو علی زعمهم، هادیها و داعیها و معصومها، الذی یجب علیها الایمان به. و من لم یؤمن به فلیس بمؤمن عندهم؟

فان قالوا: الخوف.

قیل: الخوف علی آبائه كان أشد، بلا نزاع بین العلماء، و قد حبس بعضهم.

ثم الخوف انما یكن اذا حارب. فأما اذا فعل كما كان یفعل سلفه من الجلوس مع المسلمین و تعلیمهم لم یكن علیه خوف.

و بیان ضلال هؤلاء طویل.

و انما المقصود بیانه هنا: أنهم یجعلون هذا أصل دینهم.

ثم یقولون: اذا اختلفت الطائفة الحقة علی قولین، و أحدهما یعرف قائله، و الآخر، لا یعرف قائله، كان القول الذی لا یعرف قائله الحق، و هكذا وجدته فی كتب شیوخهم، و عللوا ذلك، بأن القول لا یعرف هو قائله یكون من قائلیه الامام المعصوم، و هذا نهایة الجهل و الضلال.

و هكذا ما ینقلونه من هذا الباب، ینقلون سیرا و حكایات و أحادیث، اذا ما طالبتهم باسنادها، لم یحلوك علی رجل معروف بالصدق، بل حسب أحدهم أن یكون سمع ذلك من آخر مثله، أو قرأه فی كتاب لیس فیه اسناد معروف، و ان سموا أحدا: كان من المشهورین بالكذب و البهتان. لا یتصور قط أن ینقلوا شیئا مما لا یعرفه علماء السنة الا عن مجهول لا یعرف، أو عن معروف بالكذب.

و من هذا الباب نقل الناقل: أن هذا مشهد الحسین رضی الله عنه، بل و كذلك مشاهیر غیر هذا مضافة الی الحسین، بل و مشاهد مضافة الی قبر


الحسین رضی الله عنه، فانه باتفاق الناس: أن هذا المشهد بنی عام بضع و أربعین و خمسمائة و أنه نقل من مشهد بعسقلان! و أن ذلك المشهد - بعسقلان - كان قد أحدث بعد التسعین و أربعمائة.

فأصل هذا المشهد القاهری: هو ذلك المشهد العسقلانی. و ذلك العسقلانی محدث بعد مقتل الحسین بأكثر من أربعمائة و ثلاثین سنة، و هذا بعد مقتله بقریب من خمسمائة سنة، و هذا مما لم یتنازع فیه اثنان ممن تكلم فی هذا الباب من أهل العلم، علی اختلاف أصنافهم - كأهل الحدیث، و مصنفی أخبار القاهرة، و مصنفی التواریخ، و ما نقله أهل العلم طبقة عن طبقة [7] . و هذا بینهم مشهور متواتر، سواء قیل: ان اضافته الی الحسین صدق أو كذب - لم یتنازعوا أنه نقل من عسقلان فی أواخر الدولة العبیدیة.

و اذا كان أصل هذا المشهد القاهری هو ما نقل عن ذلك المشهد العسقلانی باتفاق الناس و بالنقل المتواتر، فمن المعلوم أن قول القائل: ان ذلك الذی بعسقلان هو مبنی علی رأس الحسین رضی الله عنه: قول بلا حجة أصلا. فان هذا لم ینقله أحد من أهل العلم الذین من شأنهم نقل هذا لا من أهل الحدیث. و لا من علماء الأخبار و التواریخ، و لا من العلماء المصنفین فی النسب: نسب قریش أو نسب بنی هاشم و نحوه.

و ذلك المشهد العسقلانی: أحدث فی آخر المائة الخامسة، لم یكن قدیما، و لا كان هناك مكان قبله، أو نحو مضاف الی الحسین، و لا حجر منقوش و لا نحوه مما یقال، انه علامة علی ذلك.

فتبین بذلك: أن اضافة المضیف مثل هذا الی الحسین قول بلا علم أصلا. و لیس مع قائل ذلك ما یصلح أن یكون معتمدا، لا نقل صحیح و لا ضعیف، بل لا فرق بین ذلك و بین أن یجی ء الرجل الی بعض القبور التی


بأمصار المسلمین، فیدعی أن فی واحد منها رأس الحسین أو یدعی أنه قبر نبی من الأنبیاء، أو نحو ذلك مما یدعیه كثیر من أهل الكذب و الضلال.

و من المعلوم أن مثل هذا القول غیر مقبول باتفاق المسلمین.

و غالب ما یستند الیه الواحد من هؤلاء: أن یدعی أنه رأی مناما، أو أنه وجد بذلك القبر علامة تدل علی صلاح ساكنه: اما رائحة طیبة، و اما خرق عادة و نحو ذلك، و اما حكایة عن بعض الناس: أنه كان یعظم ذلك القبر.

فأما المنامات فكثیر منها، بل أكثرها كذب، و قد عرفنا فی زماننا بمصر و الشام و العراق من یدعی أنه رأی منامات تتعلق ببعض البقاع انه قبر نبی، أو أن فیه أثر نبی، و نحو ذلك، و یكون كاذبا. و هذا الشی ء منتشر.

فرائی المنام قد یكون كاذبا، و بتقدیر صدقه: فقد یكون الذی أخبره بذلك شیطان.

و الرؤیا المحضة التی لا دلیل یدل علی صحتها لا یجوز أن یثبت بها شی ء بالاتفاق، فانه قد ثبت فی الصحیح عن النبی صلی الله علیه و سلم أنه قال: «الرؤیا ثلاثة: رؤیا من الله، و رؤیا مما یحدث به المرء نفسه، و رؤیا من الشیطان» [8] .


فاذا كان جنس الرؤیا تحته أنواع ثلاثة، فلابد من تمییز نوع منها من نوع.

و من الناس - حتی من الشیوخ الذین لهم علم و زهد - من یجعل مستنده فی مثل ذلك: حكایة یحكیها عن مجهول. حتی یقول: حدثنی أخی الخضر أن قبر الحسین بمكان كذا و كذا - و من المعلوم الذی بیناه فی غیر هذا الموضع أن الخضر قد مات [9] - أو رأی شخصا یقول: انی الخضر، أو ظن الرائی أنه الخضر، ان كل ذلك لا یجوز.

و أما ما یذكر من وجود رائحة طیبة، أو خرق عادة أو نحو ذلك بتعلق بالقبر: فهذا لا یدل علی تعینه، و أنه فلان أو فلان، بل غایة ما یدل علیه - اذا ثبت - أن ذلك دلیلا علی صلاحه، و أنه قبر رجل صالح أو نبی [10] .

و قد تكون تلك الرائحة مما صنعه بعض المكتسبین من القبر، فان هذا مما یفعله من هؤلاء، كما حدثنی بعض أصحابنا: أنه ظهر بشاطی ء الفرات رجلان، كان عند أحدهما قبر تجبی علیه أموال ممن یزوره و ینذر له من الضلال، فعمد الآخر الی قبر - زعم أنه رأی فی المنام أنه قبر عبدالرحمن بن عوف - و جعل فیه من أنواع الطیب ما ظهرت له رائحة عظیمة.

و قد حدثنی جیران القبر الذی بجبل لبنان بالبقاع - الذی یقال انه قبر نوح - و كان قد ظهر قریبا فی أثناء المائة السابعة، و أصله: أنهم شموا من قبر


رائحة طیبة و وجدوا عظاما كبیرة، فقالوا: هذه تدل علی كبر خلق الجنة فقالوا - بطریق الظن - هذا قبر نوح، و كان بالبقعة موتی كثیرون من جنس ذلك المیت [11] .

و كذلك هذا المشهد العسقلانی قد ذكر طائفة: أنه قبر بعض الحواریین أو غیرهم من أتباع عیسی بن مریم.

و قد یوجد عند قبور الوثنیین أشیاء من جنس ما یوجد عند قبور المؤمنین من أمتنا، بل یزعم الزاعم أنه قبر الحسین ظنا و تخرصا.

و كان من الشیوخ المشهورین بالعلم و الدین بالقاهرة من ذكروا عنه أنه قال: هو قبر نصرانی.

و كذلك بدمشق بالجانب الشرقی مشهد یقال: انه قبر أبی كعب. و قد اتفق أهل العلم علی أن أبیا لم یقدم دمشق، و انما مات بالمدینة، فكان بعض الناس یقولون: انه قبر نصرانی، و هذا غیر مستبعد. فان الیهود و النصاری هم ائمة فی [12] تعظیم القبور و المشاهد، و لهذا قال النبی صلی الله علیه و سلم فی الحدیث المتفق علیه: «لعن الله الیهود و النصاری: اتخذوا قبور أنبیائهم مساجد، یحذر ما فعلوا» [13] .


و النصاری أشد غلوا فی ذلك من الیهود كما فی الصحیحین: «ن النبی صلی الله علیه و سلم ذكرت له أم حبیبة و أم سلمة رضی الله عنهما كنیسة رأرض الحبشة، و ذكرنا من حسنها و تصاویر فیها. فقال: ان أولئك اذا كان فیهم الرجل الصالح، فمات بنوا علی قبره مسجدا، و صوروا فیه تلك التصاویر، أولئك شرار الخلق عندالله یوم القیامة».

و النصاری كثیرا ما یعظمون آثار القدیسین منهم. فلا یستعبد أنهم ألقوا الی بعض جهال المسلمین أن هذا قبر بعض من یعظمه المسلمون، لیوافقوهم علی تعظیمه.

كیف لا؟ و هم قد أضلوا كثیرا من جهال المسلمین حتی صاروا یعمدون أولادهم، و یزعمون أن ذلك یوجب طول العمر للولد [14] ، و حتی جعلوهم یزورون ما یعظمونه من الكنائس و البیع، حتی صار كثیر من جهال المسلمین ینذرون للمواضع التی یعظمها النصاری، كما قد صار كثیر من جهالهم یزورون كنائس النصاری، و یلتمسون البركة من قسیسیهم و رهابینهم و نحوهم.

و الذین یعظمون القبور و المشاهد: لهم شبه شدید بالنصاری، حتی انه لما قدمت القاهرة اجتمع بی بعض فضلاء الرهبان، و ناظرنی فی المسیح و دین النصاری، حتی بینت له فساد ذلك، و أجبته عما یدعیه من الحجة، و بلغنی بعد ذلك أنه صنف كتابا فی الرد علی المسلمین، و ابطال نبوة محمد صلی الله علیه و سلم، و أحضره بعض المسلمین، و جعل یقرؤه علی لأجیب عن حجج النصاری و أبین فسادها [15] .

و كان من أواخر ما خاطبت به النصرانی: أن قلت له: أنتم مشركون


و بینت من شركهم ما علیه من العكوف علی التماثیل و القبور و عبادتها، و الاستغاثة بها.

فقال لی: نحن ما نشرك بهم و نعبدهم: و انما نتوسل بهم، كما یفعل المسلمون اذا جاءوا الی قبر الرجل الصالح، فیتعلقون بالشباك الذی علیه و نحو ذلك.

فقلت له: و هذا أیضا من الشرك، و لیس هذا من المسلمین، و ان فعله الجهال؟ فأقر أنه شرك، حتی ان قسیسا كان حاضرا فی هذه المسألة، فلما قرأها قال: نعم، علی هذا التقدیر: نحن مشركون.

و كان بعض النصاری یقول لبعض المسلمین: لنا سید و سیدة، ولكن س ید و سیدة، لنا السید المسیح و السیدة مریم، ولكم السید حسین و السیدة نفیسة.

فالنصاری یفرحون بما یفعله أهل البدع و الجهل من المسلمین مما یوافق دینهم و یشابهونهم فیه، و یحبون أن یقوی ذلك و یكثر، و یحبون أن یجعلوا رهبانهم مثل عباد المسلمین و قسیسیهم مثل قضاة المسلمین، و یضاهؤون المسلمین، فان عقلاءهم لا ینكرون صحة دین الاسلام، بل یقولون: هذا طریق الی الله، و هذا طریق الی الله.

و لهذا یسهل اظهار الاسلام علی كثیر من المنافقین الذین أسلموا منهم، فان عنده: أن المسلمین و النصاری كأهل المذاهب من المسلمین، بل یسمون الملل مذاهب، و معلوم أن أهل المذاهب - كالحنفیة و المالكیة و الشافعیة و الحنبلیة - دینهم واحد. و كل من أطاع الله رسوله منهم بحسب وسعه كان مؤمنا سعیدا باتفاق المسلمین.

فاذا اعتقد النصاری مثل هذا من الملل یبقی انتقال أحدهم عن ملته كانتقال الانسان من مذهب الی مذهب. و هذا كثیرا ما یفعله الناس لرغبة أو


رهبة، فاذا بقی أقاربه و أصدقاؤه علی المذهب الأول لم ینكر ذلك، بل یحبهم و یودهم فی الباطن. لأن المذهب كالوطن، و النفس تحن الی الوطن، اذا لم تعتقد أن المقام به محرم.

فلهذا یوجد كثیر ممن أظهر الاسلام من أهل الكتاب لا یفرق بین المسلمین و أهل الكتاب.

ثم منهم من یمیل الی المسلمین أكثر، و منهم من یمیل الی ما كان علیه أكثر. و منهم من یمیل الی أولئك من جهة الطبع و العادة، أو من جهة الجنس و القرابة و البلد، و المعاونة علی المقاصد. و نحو ذلك.

و هذا كما أن الفلاسفة و من سلك سبیلهم من القرامطة [16] و الاتحادیة [17] و نحوهم، یجوز عندهم أن یتدین الرجل بدین المسلمین و الیهود و النصاری.

و معلوم أن هذا كله كفر باتفاق المسلمین.

فمن لم یقر باطنا و ظاهرا بأن الله لا یقبل سوی الاسلام [18] ،


فلیس بمسلم.

و من لم یقر بأن بعد مبعث محمد صلی الله علیه و سلم لیس مسلم الا من آمن به و اتبعه باطنا و ظاهرا [19] ، فلیس بمسلم. و من لم یحرم التدین - بعد مبعثه صلی الله علیه و سلم - بدین الیهود و النصاری، بل من لم یكفرهم و یبغضهم فلیس بمسلم باتفاق المسلمین.

و المقصود هنا: أن النصاری یحبون أن یكون المسلمین ما یشابهونهم به لیقوی بذلك دینهم، و لئلا ینفر المسلمون من دینهم.

و لهذا جاءت الشریعة الاسلامیة بمخالفة الیهود و النصاری، كما قد بسطناه فی كتاب: (اقتضاء الصراط المستقیم لمخالفة أصحاب الجحیم).

و قد حصل للنصاری من الجهال كثیر من مطلوبهم، لاسیما من الغلاة من الشیعة، و جهال النساك و الغلاة فی المشایخ؛ فان فیهم شبها قویا للنصاری فی الغلو، و البدع فی العبادات و نحو ذلك، فلهذا یلبسون علی المسلمین فی مقابر تكون من قبورهم، حتی یتوهم الجهال أنها من قبور صالحی المسلمین.

و اذا كان ذلك المشهد العسقلانی قد قال طائفة: انه قبر بعض النصاری أو بعض الحواریین - و لیس معنا ما بدل أنه قبر مسلم - فضلا عن أن یكون قبرا لرأس الحسین - كان قول من قال: انه قبر مسلم - الحسین أو غیره - قولا مردودا علی قائله.

فهذا كاف فی المنع من أن یقال: هذا مشهد الحسین.



[1] و من الروافض السبئية الذين أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه، فقال بعضهم لعل أنت الاله، فأحرق عي قوما منهم، و نفي زعيمهم عبدالله بن سبأ الي ساباط المدائن، و هذه ليست فرقة اسلامية لأنهم قالوا أن عليا اله.

ثم افترقت الرافضة - بعد زمان علي رضي الله عنه أربعة أصناف: زيدية و امامية، و كيسانية و غلاة، و افترقت الزيدية فرقا و الامامية فرقا، و الغلاة فرقا، و كل فرقة تكفر سائرها، و جميع فرق الغلاة خارجون عن فرق الاسلام، و قد جعل البغدادي فرقة الزيدية من الرافضة، مع أن الزيدية أتباع زيدين علي الباقين علي اتباع و الرافضة هم الذين كانوا معه ثم تركوه.

راجع الفرق بين الفرق للبغدادي بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبدالحميد ص 21 بتصرف ط. دار المعرفة بلبنان، و مقالات الاسلاميين (129: 1) و مروج الذهب للمسعودي (220: 3) ط. دار المعرفة أيضا. و عن الكيسانية أرجو مراجعة مروج الذهب (87: 3) و عن الامامة تحدث المسعودي أيضا (236: 3) فراجعه.

[2] و الامامية خمس عشرة فرقة منها الاثنا عشرية.

راجع الفرق بين الفرق للبغدادي ص 23 بتصرف.

[3] مثل الزبير بن بكار نسابة قريش.

[4] راجع كتابه (منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة و القدرية).

[5] كذا ورد بالاصل و لعل الأصوب (اجماع).

[6] الآن أي عصر ابن تيمية رحمه الله المتوفي سنة 728 ه و من هذه الغيبة الي عصرنا هذا 1137 سنة ه.

[7] يقول القرطبي في التذكرة (668: 2): «و الامامية تقول ان الرأس أعيد الي الجثة بكربلاء بعد أربعين يوما من القتل، و هو يوم معروف عندهم يسمون الزيادة فيه زيادة الأربعين، و ما ذكر أنه في عسقلان في مشهد هناك أو بالقاهرة فشي ء باطل لا يصح و لا يثبت» م ه.

[8] قال تعالي: «لهم البشري في الحياة الدنيا و في الآخرة» قالوا انها الرؤيا الصادقة يراها المؤمن أو تري له.

أما الرؤيا التي تنجم عن حديث المرء نفسه فهذه ترجع الي اضطرابات نفسية ينطلق فيها اللاشعور بالرغبات المكبوتة فيري الحالم أمنياته الشاقة التي لم تتحقق في اليقظة يراها تتحقق في المنام.

أما رؤيا الشياطين و هي الأحلام فقد ورد فيها قوله تعالي:

«قالوا أضفاث أحلام، و ما نحن بتأويل الأحلام بعالمين» يوسف (44:12) و في الحديث الصحيح أن النبي صلي الله عليه و سلم أتاه رجل فقال يا رسول الله رأيت كأن رأسي قطع و أنا أتبعه، فقال لا تتحدث بتلاعب الشيطان بك في المنام.

راجع تعطير الأنام في تعبير المنام للنابلسي طبعة الحلبي (4: 1).

[9] و الخضر عليه السلام قد مات بنص القرآن القطعي لقوله تعالي:

«و ما جعلنا لبشر من قبلك الخلد» الأنبياء (34: 21) و أرجو أن تراجع تفسير هذه الآية في الجامع لأحكام القرآن (283: 11) ط. دارالكتب، زاد المسير (348: 5) و مختصر ابن كثير (507: 2).

و تقول بعض الفرق الهالكة ان الخضر لم يمت و أنهم عيانا و يتحدثون اليه و يتحدث اليهم و يستمدون منه أصول التشريع و يطمئنهم علي معتقداتهم، تلك كلها ضلالات شيطانية يا عزيزي القاري ء فلا تتوقف عندها، لأن الخضر مات كأي بشر، و هو ليس أفضل من رسول الله صلي الله عليه و سلم و هو صاحب كل فضل و فضيلة و كان أولي بالخلود من الخضر و غيره.

[10] و قبر سيدنا رسول الله صلي الله عليه و سلم هو القبر النبوي الوحيد الذي اتفق عليه بالاجماع و ما سواه من قبور الأنبياء لم يحصل عليه الاجماع مثله.

[11] و منذ فترة يسيرة طالعتنا الصحف و المجلات بخبر عن اكتشاف علمي صارخ و هو العثور علي مومياء يوسف الصديق عليه الصلاة و السلام و أخذت وسائل الاعلام تروج لهذه الأساطير التي تفتقد الدليل العلمي و الديني القوي الذي يوثقها بل و تفتقر الي المنطق السوي المستقيم، قلت: لا حول و لا قوة الا بالله، في القرن العشرين و لا زلنا موضع سخرية من الواقع الأليم، خرافات و أساطير تفرخ و تطير في كل ناحية من غير دليل أو برهان أو سند من علم أو فقه أو كتاب أو سنة.

[12] تأمل شيخ الاسلام ابن تيمية و هو يسخر منهم بقوله (هم الأئمة في تعظيم القبور و المشاهد) رحمه الله و جمعنا به في دار كرامته.

[13] فقد روي عن عائشة و ابن عباس رضي الله عنهما انه صلي الله عليه و سلم كشفها عن وجهه و هو يقول: - «لعنة الله علي اليهود و النصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، تقول عائشة: يحذر مثل الذي صنعوا» و الحديث رواه البخاري (386: 6) - (422: 1) و (116: 8) و مسلم (67: 2) و النسائي (115: 1) و الدارمي (326: 1) و أحمد (218: 1) و (34: 6).

[14] و من دواعي الأسف الشديد أن جهال المسلمين يأخذون بهذه الضلالات و الوثنيات فيدخلوا في نطاق الشرك و هو لا يشعرون، حتي أصبحوا يقلدون اليهود و النصاري في طقوسهم الوثنية.

[15] راجع كتاب (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) لشيخ الاسلام أحمد بن تيمية رحمه الله في الرد علي أوهام و أغلاط النصاري و كشف ما هم فيه من زيف و ضلال.

[16] و القرامطة اسم شهرة للاسماعيلية و سموا بالباطنية، لأنهم قالوا أن لكل ظاهر باطنا و لكل تنزيل تأويلا، و لهم أتعاب كثيرة سوي هذه علي لسان قوم قوم:

فبالعراق يسمون الباطنية و القرامطة و المزدكية، و بخراسان يسمون التعليمية و الملحدة، و هم يقولون نحن الاسماعيلية لأنا تميزنا عن فرق الشيعة بهذا الاسم.

راجع الملل و النحل للشهرستاني (192: 1) ط. الحلبي

و الباطنية درجات في دعوتهم. راجع الفرق بين الفرق للبغدادي ص 301.

[17] الاتحادية: و هي فرقة هالكة خرجت علي السنة و الجماعة و فحوي دعوتها الزندقية أن المخلوق اتحد بالخالق فأصبح الاثنان ذاتا واحدة فالخالق عندهم و المخلوق سواء، كذلك القائلين بالحلول مثل محيي الدين بن عربي صاحب الفتوحات المكية الذي قال أن الله روحه حلت في كل الموجودات و كلا الحلوليين و الاتحاديين زنادقة كفرة لتأويلاتهم و شطحاتهم و قد كفرهم ابن تيمية و ابن القيم و ابن الجوزي و علماء السلف الغيورين علي عقيدة التوحيد.

راجع في الحلولية التبصير (ص 77) و الفرق بين الفرق (ص 259).

[18] لقوله تعالي في صريح النص القرآني: - «ان الدين عندالله الاسلام» آل عمران (19: 3) كذلك لقوله: - «و من يبتغ غير الاسلام دينا قلن يقبل منه» آل عمران (85: 3) راجع تفسير الطبري. (575: 6).

[19] و البعض الصوفيون هم الذين جعلوا للقرآن ظاهرا و باطنا و قالوا أن العلماء و الفقهاء هم أهل الظاهر أما الصوفية فهم أهل الأسراء و أهل الباطن.