کد مطلب:167999 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:150

اشارة
إنّ ظاهر جواب الامام علیه السلام لابی هرّة الازدی هنا، وكذلك جوابه علیه السلام للفرزدق حینما سأله: (ما أعجلك عن الحجّ؟) حیث قال علیه السلام: (لو لم أعجل لاُخذتُ!) یوحی بأنّ الامام علیه السلام كان همّه الاكبر النجاة بنفسه!! فقد صبر علی أخذ ماله وشتم عرضه علی ما فی جوابه علیه السلام لابی هرّة الازدی وحین أرادوا قتله هرب لینجو بنفسه! هذه هی حدود مظلومیته لاأكثر! وكأنّه لیس هناك رفض بیعة لیزید! ولاطلب إصلاح فی أمّة جده (ص)! ولاأمر بمعروف ولانهی عن منكر! ولاقیام ونهضة!

إنّ الاقتصار علی مثل هذه النصوص یؤدّی إلی هذا الاستنتاج الخاطیء الذی وقع فیه بعض من كتب فی تأریخ النهضة الحسینیة، وهو: أنّ علّة خروج الامام علیه السلام من المدینة المنوّرة ومن مكّة المكرّمة هو خوفه علی نفسه من الاختطاف أو القتل، وأنّ هذا هو سرّ أسرار النهضة الحسینیة!!

كذلك الحال إذا اقتصر نظر الباحث مثلاً علی النصوص المتعلّقة برسائل أهل الكوفة إلی الامام علیه السلام، خصوصاً النصوص الواردة عنه علیه السلام فی ذلك، لانّ نتیجة مثل هذا النظر ستكون اعتبار رسائل أهل الكوفة هی سبب قیام الامام علیه السلام! وهذا من أشهر الاشتباهات الحاصلة فی مجری النظر إلی قیام الامام الحسین علیه السلام.

وكذلك الحال إذا اقتصر نظر الباحث علی النصوص التی تحدّث فیها الامام علیه السلام عن (الاستخارة)، [1] ذلك لانّ ظاهر هذه النصوص یوحی بأنّ الامام علیه السلام لم تكن لدیه خطّة علی الارض ‍ فی مسار النهضة منذ البدء! ولاعلم له بما هو قادم علیه فی مستقبل أیّامه من مصیر! بل كانت توجّه حركته بوصلة الاستخارة! الامر الذی یعارض وینافی كثیراً من النصوص الاخری الورادة عنه علیه السلام، فضلاً عن


منافاته للاعتقاد الصحیح بعلم الامام علیه السلام!

وهكذا الحال، إذا اقتصر نظر الباحث علی النصوص المتعلّقة بالرؤیا التی رأی فیها الامام علیه السلام جدّه (ص)، أو النصوص التی توحی بأنّه علیه السلام كان یأمل النصر والنجاح وتسلّم زمام الامور...

كلّ تلك النتائج القاصرة أو الخاطئة إنّما تنشاء نتیجة الاخذ الجزئی المفكّك، أمّا أخذ جمیع النصوص المتعلّقة بهذه النهضة المقدّسة كمجموعة واحدة أخذاً كلیّاً موحّداً فهو أحد عناصر عصمة الاستنتاج من القصور والخطاء، كذلك فإنّ معرفة نوع المخاطَب الذی یكلّمه الامام علیه السلام، وردّ متشابه قوله علیه السلام إلی محكمه، هما العنصران الاخران لهذه العصمة فی التدبر الاستنتاج.


[1] راجع: بعض هذه النصوص في الجزء الاول: 151.