کد مطلب:168011 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:130

اشارة
إنّ المشورة أو الرأی الذی عرضه عمرو بن لوذان للامام علیه السلام هنا شبیه بالرأی الذی كان قد عرضه كلُّ من عبداللّه بن عبّاس (رض) [1] وعمر بن عبدالرحمن المخزومی فی مكّة، [2] ولاحظنا أنّ الامام علیه السلام لم یُخطّیء هذه الاراء والمشورات والاقتراحات، بل أجاب أصحابها بما یؤكّد صحتها وصوابها وأنها كانت من


النصح والعقل والرأی.

لكنّ الامام علیه السلام مع إقراره بصحة وصواب تكلم النصائح والمشورات كان یؤكّد لكلّ من أصحابها بطریقة تتناسب ونوع المخاطَب أنّه لابدّ له من عدم الاخذ بتلكم النصائح والاقتراحات! وذلك لانّ منطق هؤلاء وان كان صحیحاً بمقیاس حدود الظواهر إلاّ أنه لایتعدّی التفكیر بالسلامة والمنفعة الذاتیة والنصر الظاهری، فی حین كان الاسلام آنئذٍ یمرُّ بمنعطف حاسم النتیجة فی أن یبقی أولایبقی، وقد عبّر الامام علیه السلام عن حال الاسلام الحرجة هذه أمام مروان بن الحكم بقوله:

(وعلی الاسلام السلام إذ قد بُلیت الامّة براعٍ مثل یزید!). [3] .

كان الاسلام المحمّدی الخالص قد اشتبهت حقیقته علی أكثر هذه الامة حین اختلط علیهم بفعل جهود حركة النفاق عامة والحزب الاموی خاصة اختلاطاً عجیباً مع أباطیل وتحریفات كثیرة وكبیرة افتریت علیه ودُسَّت فیه، حتی صار من غیر الممكن فصل الاسلام المحمّدی الخالص عن (الاسلام الاموی!) إلاّ إذا ارتكب الامویون الجریمة الكبری، جریمة سفك الدّم المقدّس، دم ابن رسول اللّه (ص) وإلاّ لاستمرّت عملیة التحریف والمزج، حتی تصل الامّة إلی حدٍّ لاتعرف عنده إلاّ الاسلام الامویّ! فلایبقی من الاسلام المحمّدی إلاّ إسمه!

إذن فحال الاسلام یومذاك كحال المریض الذی لاینفع فی علاجه إلاّ الكیّ، وقدیماً قیل فی المثل (آخر الدواء الكیّ!) لما یترتّب علیه من علاج حاسم!

حال الاسلام یومذاك لم یكن ینفع فی علاجها منطق السیاسة والمعاملة السیاسیة والدهاء السیاسی، ورعایة المصالح الذاتیة، والتفكیر بالسلامة،


وحسابات الاستفادة والمنفعة والربح والخسارة الشخصیّة، وضوابط التخطیط للسیطرة علی الحكم! حال الاسلام یومذاك ماكانت لتصل إلی علاجها الحاسم وتبلغ درجة الشفاء التّام إلاّ بمنطق الشهادة! ولم یكن لها مرهمٌ إلاّ الدّم الاقدس، دم ابن رسول اللّه الذی هو دم رسول اللّه (ص) نفسه!! دم الحسین علیه السلام، الشهید الفاتح الذی جاء من قلب (المدینة) یسعی، یحدو به الشوق إلی المصرع المختار (وما أولهنی إلی أسلافی اشتیاق یعقوب إلی یوسف!)، [4] فی ركب من عُشّاق الشهادة لاتثنیهم عن مصارع العشق عقلائیة عقلاء الظاهر ولانصائحهم ولاملامة المحجوب عن المحبوب!


[1] تاريخ الطبري، 3:295.

[2] تاريخ الطبري، 3:294.

[3] الفتوح، 5:24.

[4] اللهوف: 26.