کد مطلب:168039 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:156

نینوی
(وبسواد الكوفة ناحیة یُقال لها نینوی، منها كربلاء التی قُتل بها الحسین رضی اللّه عنه) [1] و (نینوی: تقع شرق كربلاء.. وهی الموضع المعروف بباب طویریج شرقی كربلاء..). [2] .


كان الامام الحسین علیه السلام قد ارتحل بالركب الحسینی من منطقة قصر بنی مقاتل آخر اللیل، (فلمّا أصبح نزل فصلّی الغداة، ثمّ عجّل الركوب، فأخذ یتیاسر بأصحابه یُرید أن یفرّقهم! فیأتیه الحرُّ بن یزید فیردّهم فیردّه! فجعل إذا ردّهم إلی الكوفة ردّاً شدیداً امتنعوا علیه فارتفعوا! فلم یزالوا یتسایرون حتّی انتهوا إلی نینوی المكان الذی نزل به الحسین.

قال فإذا راكبٌ علی نجیب له وعلیه السلاح متنكّب قوساً مُقبلٌ من الكوفة! فوقفوا جمیعاً ینتظرونه، فلمّا انتهی إلیهم سلّم علی الحرّ بن یزید وأصحابه، ولم یُسلّم علی الحسین علیه السلام وأصحابه! فدفع إلی الحرّ كتاباً من عبیداللّه بن زیاد فإذا فیه: أمّا بعدُ، فجعجع بالحسین حین یبلغك كتابی ویقدم علیك رسولی، فلاتُنزله إلاّ بالعراء! فی غیر حصنٍ وعلی غیر ماء! وقد أمرت رسولی أن یلزمك ولایفارقك حتّی یأتینی بإنفاذك أمری، والسلام.

قال فلمّا قراء الكتاب قال لهم الحرّ: هذا كتاب الامیر عبیداللّه بن زیاد یأمرنی فیه أن أجعجع بكم فی المكان الذی یأتینی فیه كتابه، وهذا رسوله وقد أمره أن لایفارقنی حتّی أُنفذ رأیه وأمره!

فنظر إلی رسول عبیداللّه یزیدُ بن زیاد بن المهاصر أبوالشعثاء الكندی ثمّ النهدی [3] فعنَّ له، فقال: أمالك بن النسر البَدّی!؟


قال: نعم. وكان أحدُ كندة.

فقال له یزید بن زیاد: ثكلتك أمُّك، ماذا جئت فیه!؟

قال: وما جئتُ فیه!؟ أطعتُ إمامی ووفیت ببیعتی!

فقال له أبوالشعثاء: عصیتَ ربّك وأطعتَ إمامك فی هلاك نفسك! كسبت العار والنار! قال اللّه عزّ وجلّ (وجعلنا منهم أئمّة یدعون إلی النار ویوم القیامة لاینصرون) [4] فهو إمامك!

قال وأخذ الحرُّ بن یزید القوم بالنزول فی ذلك المكان علی غیر ماء ولافی قریة! فقالوا: دعنا ننزل فی هذه القریة یعنون نینوی، أو هذه القریة یعنون الغاضریة، [5] أو هذه الاخری یعنون الشفیّة! [6] .

فقال: لاواللّه ما استطیع ذلك! هذا رجلٌ قد بُعث إلیَّ عیناً!

فقال له زهیر بن القین: یا ابن رسول اللّه! إنّ قتال هؤلاء أهون من قتال من یأتینا من بعدهم، فلعمری لیأتینا مِن بعد من تری مالاقِبَل لنا به!


فقال له الحسین علیه السلام: ما كنت لابدأهم بالقتال.

فقال له زهیر بن القین: سِرْ بنا إلی هذه القریة حتّی تنزلها فإنها حصینة، وهی علی شاطیء الفرات، فإن منعونا قاتلناهم، فقتالهم أهون علینا من قتال مَن یجیء من بعدهم!

فقال له الحسین: وأ یّة قریة هی؟

قال: هی العَقْر! [7] .

فقال الحسین: أللّهمّ إنّی أعوذ بك من العقر!

ثُمَّ نزل، وذلك یوم الخمیس وهو الیوم الثانی من المحرم سنة 61). [8] .

وفی روایة الدینوری: (.. فقال له زهیر: فها هنا قریة بالقرب منّا علی شطّ الفرات، وهی فی عاقول [9] حصینة، الفرات یحدق بها إلاّ من وجه واحد!

قال الحسین: وما اسم تلك القریة؟

قال: العقر

قال الحسین: نعوذ باللّه من العقر!

فقال الحسین للحرّ: سِرْ بنا قلیلاً، ثمّ ننزل!


فسار معه حتّی أتوا كربلاء! فوقف الحرّ وأصحابه أمام الحسین ومنعوهم من المسیر، وقال: إنزل بهذا المكان، فالفرات منك قریب!

قال الحسین: وما اسم هذا المكان؟

قالوا له: كربلاء!

قال علیه السلام:ذات كرب وبلاء!ولقد مرَّ أبی بهذا المكان عند مسیره إلی صفّین وأنا معه، فوقف فسأل عنه، فأُخبر باسمه، فقال: هاهنا محطّ ركابهم، وها هنا مهراق دمائهم! فَسُئل عن ذلك، فقال: ثقل لال بیت محمّد، ینزلون هاهنا!

ثمّ أمر الحسین بأثقاله، فحُطَّت بذلك المكان یوم الاربعاء، غُرّة المحرّم من سنة إحدی وستین.). [10] .

وفی روایة السیّد ابن طاووس (ره): (ثُمَّ إنّ الحسین علیه السلام قام وركب وسار، وكلّما أراد المسیر یمنعونه تارة ویسایرونه أخری، حتی بلغ كربلاء، وكان ذلك فی الیوم الثانی، من المحرّم، فلمّا وصلها قال: ما اسم هذه الارض؟ فقیل: كربلا. فقال علیه السلام: أللّهم إنّی أعوذ بك من الكرب والبلاء! ثم قال: هذا موضع كرب وبلاء! إنزلوا، هاهنا محطّ رحالنا، ومسفك دمائنا، وهنا محلّ قبورنا! بهذا حدّثنی جدّی رسول اللّه (ص)! فنزلوا جمیعا.). [11] .

وفی تذكرة الخواص: (فلمّا قیل للحسین: هذه أرض كربلا. شمّها وقال: هذه واللّه هی الارض التی أخبر بها جبرائیل رسول اللّه وأننی أُقتلُ فیها!). [12] .


وفی المقتل المنسوب إلی أبی مخنف: (وساروا جمیعاً إلی أن أتوا أرض كربلاء وذلك یوم الاربعاء، فوقف فرس ‍ الحسین علیه السلام، فنزل عنها وركب أخری فلم تنبعث خطوة واحدة! ولم یزل یركب فرساً بعد فرس حتّی ركب سبعة أفراس وهنّ علی هذه الحال! فلمّا رأی ذلك قال: یا قوم ما اسم هذه الارض؟

قالوا: أرض الغاضریة.

قال: فهل لها إسم غیر هذا؟

قالوا: تُسمّی نینوی.

قال: أَهَلْ لها إسم غیر هذا؟

قالوا: شاطی ء الفرات.

قال: أَهلْ لها إسم غیر هذا؟

قالوا: تسمّی كربلاء.

فعند ذلك تنفّس الصعداء! وقال: أرض كربٍ وبلاء! ثمّ قال:

إنزلوا، هاهنا مناخ ركابنا، هاهنا تُسفك دماؤنا، هاهنا واللّه تُهتك حریمنا، هاهنا واللّه تُقتل رجالنا، هاهنا واللّه تذبح أطفالنا، هاهنا واللّه تُزار قبورنا، وبهذه التربة وعدنی جدّی رسول اللّه (ص) ولاخلف لقوله. ثمّ نزل عن فرسه...). [13] .


[1] راجع: معجم البلدان، 5:339.

[2] راجع: خطب الإمام الحسين عليه السلام، 1:133.

[3] يزيد بن زياد بن مهاصر، أبوالشعثاء الكندي البهدلي (في رواية الطبري: النهدي). كان رضوان الله تعالي عليه رجلاشريفا شجاعا، خرج إلي الحسين عليه السلام من الكوفة قبل أن يتصل به الحر.

و روي أبو مخنف: أن أبا الشعثاء قاتل فارسا، فلما عقرت فرسه جثا علي ركبتيه بين يدي الحسين فرمي بمائة سهم، ما سقط منها إلاخمسة أسهم، و كان راميا و كان كلما رمي قال:



أنا ابن بهدله

فرسان العرجله



فيقول الحسين عليه السلام: " أللهم سدد رميته، و اجعل ثوابه الجنة " فلما نفدت سهامه قام فقال: ما سقط منها إلاخمسة أسهم، ثم حمل علي القوم بسيفه و قال:



أنا يزيد و أبي مهاصر

كأنني ليث بغيل خادر



يا رب إني للحسين ناصر

و لابن سعد تارك و هاجر



فلم يزل يقاتل حتي قتل رضوان الله عليه. (راجع: إبصار العين: 171- 172).

[4] سورة القصص: الآية41.

[5] الغاضرية: قرية منسوبة إلي غاضرة من بني أسد، و هي تقع علي بعد كيلومتر تقريبا شمال كربلاء. (خطب الإمام الحسين عليه السلام، 1:134).

[6] شفية: قرية عند كربلاء أيضا (إبصار العين:168)، و هي بئر لبني أسد. (خطب الإمام الحسين عليه السلام، 1:134).

[7] العقر: ".. و العقر عدة مواضع، منها: عقر بابل قرب كربلاء من الكوفة..." (راجع: معجم البلدان، 4:136).

[8] تأريخ الطبري، 3:309؛ و الإرشاد: 209 بتفاوت يسير، و انظر: أنساب الأشراف، 3 :384-385 و مثير الأحزان:48.

[9] عاقول الوادي ما اعوج منه، و الأرض العاقول التي لايهتدي إليها. (راجع: لسان العرب، 11:463).

[10] الأخبار الطوال: 252-253.

[11] اللهوف:35.

[12] تذكرة الخواص: 225.

[13] مقتل الحسين عليه السلام، لأبي مخنف: 75- 76.