کد مطلب:168197 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:145

اشارة
قد یُلفت انتباه المتابع فی روایة البلاذری الاولی هنا قول الامام (ع) لمسلم بن عوسجة (رض): (لاترمه فإنّی أكره أن أبدأهم)، وقوله (ع) لزهیر بن القین (رض) إبّان تضییق الحرّ علیهم: (... ولكن ما كنتُ لابدأهم بالقتال حتّی یبدأونی)، [1] . ردّاً علی قول زهیر: (... ذرنا نقاتل هؤلاء القوم، فإنّ قتالنا إیّاهم الساعة أهون علینا من قتال من یأتینا معهم بعد هذا). [2] .


إن إصرار الامام (ع) علی عدم البدء بالقتال من سنن الدعاة إلی الحقّ فی مواجهة المنحرفین عن الهدی و دعوتهم الی الصراط المستقیم ومِن قبله كان أبوه أمیر المؤمنین علیّ(ع) قد امتنع عن البدء فی القتال فی الجمل وصفّین [3] ذلك لانّ الداعی إلی الحقّ الواثق من قوّة حجّته وصحّة دلیله علی موقفه لایری إلی القتال حاجة مادام طریق مخاطبة العقول والقلوب بنور الحقیقة مفتوحاً لم یوصد بعدُ، إذ الاصل فی الغایة عند هذا الداعی هو الهدایة إلی الحقّ لاالحرب، فلو بدأهم بقتال لاوصد هو بنفسه علی حجّته طریق النفوذ إلی القلوب والعقول التی یرید هدایتها، ولمنع حجّته من بلوغ تمامها، بل وجعل الحجّة علیه بید خصومه فیكون بذلك قد نقض حجّته، ذلك لانّ لهم أن یقولوا عند ذاك إذا كنت ترید لنا الهدایة بالحقّ فلماذا ابتدأتنا بالقتال!؟

وهذا ما لایصدر عن الساحة المقدّسة لاهل بیت العصمة والطهارة (ع) أبداً،بل قد لایصدر عمّن یقتدی بهدیهم وسنّتهم.


[1] مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 334:1 عن الفتوح 143:5 بتفاوت، ففي الفتوح: «ولكن ما كنت بالذي أنذرهم بقتال حتّي يبتدروني»، وانظر: تأريخ الطبري: 307:3 والأخبار الطوال: 352.

[2] مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي: 334:1 عن الفتوح 143:5 بتفاوت، ففي الفتوح: «ولكن ما كنت بالذي أنذرهم بقتال حتّي يبتدروني»، وانظر: تأريخ الطبري: 307:3 والأخبار الطوال: 352.

[3] لمّا أجمع معاوية أن يمنع الماء عن جيش أميرالمؤمنين عليه السلام، بعد أن أخذ أهل الشام الشريعة فهي في أيديهم، فزع أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام إليه، فبعث صعصعة بن صوحان إلي معاوية و قال له: «إٍئتِ معاوية فقل: إنّا سرنا مسيرنا هذا، و أنّا أكره قتالكم قبل الإعذار إليكم، و إنّك قد قدمت بخيلك فقاتلتنا قبل أنّ نقاتلك، و بدأتنا بالقتال، و نحن من رأينا الكفَّ حتّي ندعوك و نحنجَّ عليك...»(راجع: وقعة صفين: 160-161).