کد مطلب:168204 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:127

اشارة
إنّ المتأمّل فی متون المصادر التأریخیة [1] التی ذكرت قضیّة تحوّل والتحاق ثلاثین رجلاً من جیش ابن سعد بالامام (ع) یجد أنّ هذه المتون لاتشخّص ساعة وزمان إلتحاقهم بالتحدید،لكنّ ظاهر هذه المتون یوحی بأنّ هذا الالتحاق كان قد حصل یوم عاشوراء، ولذا فإنّ بعض المؤرّخین المتأخرین أخذاً بهذا الظاهر ذكر قضیّة هذا الالتحاق بعد ذكره إلتحاق الحرّ(رض) بالامام (ع)، [2] بل ذهب آخر إلی القول: (ولاشكّ فی أنّ موقف الحرّ بن یزید كانله أعمق الاثر فی نفوس الكثیرین من جیش ابن زیاد... ولذلك لم یلبث أن انحاز إلی الحرّ بن یزید فی انتصاره للحسین جماعة من أعیان الكوفة وفرسانها یُقدّر عددهم بثلاثین فارساً!)، [3] فهذا الكاتب یصرّح بأنّ التحاق هؤلاء الثلاثین كان نتیجة التأثّر بالتحاق الحرّ(رض) بالامام (ع) صبیحة عاشوراء.

ولنا هنا ملاحظات فی هذا الصدد:

1- لیس هناك دلیل تأریخی یفید أنّ التحاق هؤلاء الثلاثین(رض) كان بعد التحاق الحرّ(رض) أو كان نتیجة له!

2-هناك مصادر تأریخیة أخری تروی أنّ عملیة التحوّل والالتحاق


بالامام (ع) من قبل مجموعة من جیش ابن سعد كانت قد تمّت لیلة العاشر، فهذا السیّد ابن طاووس (ره) یروی قائلاً: (وبات الحسین (ع)وأصحابه تلك اللیلة ولهم دویُّ كدویّ النحل، ما بین راكع وساجد وقائم وقاعد، فعبر علیهم فی تلك اللیلة من عسكر عمر بن سعد إثنان وثلاثون رجلاً..). [4] .

3- إنّ هذه الخصال أو الشروط التی تتحدّث مصادر تأریخیة أنّ الامام (ع) عرضها علی ابن سعد ورُدَّت علیه [5] علی فرض أنها عُرضت یوم عاشوراء أیضاً كانت قدعُرضت أیضاً قبل یوم عاشوراء وبالتحدید بعد إحكام الحصار علی معسكر الامام (ع)، أی فی الیوم السابع أو الثامن، وقد وردت هذه الخصال المزعومة فی رسالة ابن سعد إلی ابن زیاد، [6] ولاشكّ أنّ أمر هذه الرسالة ومحتواها علی فرض صحّة خبرها كانقد انتشر فی صفوف جیش ابن سعد لاهمیتها البالغة.

4- تذكر كتب التراجم والتواریخ أسماء مجموعة من الانصار قد تحوّلوا إلی معسكر الامام (ع) فی سواد لیلة عاشوراء بعد ردّ الجیش الاموی ما عرضه الامام (ع) ومن هؤلاء الانصار(رض) علی سبیل المثال لاالحصر: جوین بن مالك بن قیس بن ثعلبة التمیمی (رض)، وزهیربن سلیم الازدی (رض)، والنعمان بن عمرو الازدی الراسبی (رض)،وأخوه الحُلاس (رض). [7] .

بل تذكر كتب التراجم والتأریخ أنّ بعض هؤلاء الانصار(رض) كان قد تحوّل


إلی معسكر الامام (ع) بعد ردّ ما عرضه الامام (ع) دون أن تشخّص أنّ هذا التحوّل كان لیلة عاشوراء، ممّا یفید أنّ هذا الالتحاق ربّما كان قبل لیلة عاشوراء، ومن هؤلاء علی سبیل المثال: عمرو بن ضبیعة الضبعی (رض)، [8] والحارث بن امرء القیس الكندی (رض). [9] .

إذن فالصحیح أنّ تحوّل والتحاق مجموعة من رجال جیش ابن سعد إلی معسكر الامام (ع) قد بداء لیلة العاشر أو قبل ذلك علی احتمال ثمّ استمرت عملیّة التحوّل هذه حتی یوم عاشوراء، إلی أن تمّ فی یوم عاشوراء عدد الرجال الذین تحوّلوا إلی معسكر الامام الحسین (ع) ثلاثین أو یزیدون، وهذا ما ذهب إلیه أیضاً المحقّق السماوی (ره) فی تلخیصه لمجریات وقائع نهضة الامام (ع)، حیث یقول: (.. فقطع أی عمر بن سعد المراسلات بینه وبین الحسین، وضیّق علیه ومنع علیه ورود الماء، وطلب منه إحدی الحالتین النزول أوالمنازلة، فجعل یتسلل إلی الحسین من أصحاب عمربن سعد فی ظلام اللیل الواحد أو الاثنان حتی بلغوا فی الیوم العاشر زهاء ثلاثین ممّن هداهم اللّه إلی السعادة ووفّقهم إلی الشهادة.). [10] .



[1] التي ذكرناها في الحاشية.

[2] راجع:حياة الامام الحسين بن علي عليهما السلام: 3:198.

[3] سيد شباب أهل الجنة:277.

[4] اللهوف:41.

[5] راجع: تأريخ الطبري: 312:3 وقد تمَّ إثبات أنّ هذه الخصال الثلاث أوالشروط المزعومة هي أُكذوبة افتراها عمر بن سعد في رسالته الي ابن زياد!.

[6] راجع:تاريخ الطبري،3:312.

[7] راجع:ابصارالعين، 194و 186و187.

[8] راجع: إبصارالعين: 194 و وسيلة الدارين: 177 رقم 112.

[9] راجع: وسيلة الدارين: 116-117 رقم 26.

[10] ابصارالعين:30-31.