کد مطلب:220158 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:133

الماء
و أما الماء فهو من ضروریا الحیاة لأسباب عدیدة، فالمادة الغرویة التی



[ صفحه 765]



بداخل الخلایا، یدخل الماء فی تركیبها بنسبة تتراوح ما بین 60 و 99 فی المائة منهما، كما أن الماء یشكل أكثر من 90 فی المائة من الجزء السائل من الدم، و یدخل الماء فی نسبة عالیة فی تركیب افرازات الغدد.

یكون الماء 5 , 58 درصد من الجسم البشری، والجسم فی حالة الصحة یحافظ دائما علی هذه النسبة، فهو یفقد باستمرار جزءا من مائة بالتبخر من الرئة و بما یفرزه عرقا و بولا و غیر ذلك من الافرازات السائلة، ولا بد للجسم من الاستعاضة عما یفقده من الماء بكمیة معادلة تدخل الیه بالشرب أو بما یتناوله من الغذاء، فمثلا أن اللحم و البطاطس یحتویان علی 75 درصد من الماء، و أن الخبز یحتوی علی 30 - 40 درصد من الماء.

یشعر الجسم بمضاعفات مرضیة شدیدة، اذا فقد 10 درصد من نسبة الماء فیه و تتوقف فیه الحیاة اذا بلغ نقص الماء فی الأنسجة 40 درصد و ینظم میزانیة الماء فی الجسم مركز عصبی خاص فی المخیخ، وسبیله الی ذلك الشعور بالعطش عندما یفتقد الجسم المزید من الماء بزیادة نسبة الأملاح فی أنسجته، أو بازدیاد ما یفقده من الما بالعرق أو البول أو الاسهال فی الأمعاء، والتعریق وسیلة من وسائل تعدیل الجسم لحرارته الداخلیة، و قد تصل كمیة العرق فی البلاد الحارة مثلا الی ما یعادل 10 لیترات فی الیوم، فمن الطبیعی أن تزداد حاجة الجسم عندئذ الی المزید من شرب الماء للاستعاضة عنها.

تزداد الحاجة الی شرب المزید من الماء أیضا عند تناول كمیة كبیرة من الأملاح أو عند ازدیاد البول كما هو الحال فی مرض البول السكری، و خزان الماء فی الجسم هو الجلد والأنسجة الدهنیة، والدویة المستعملة لتخفیف وزن الجسم و مكافحة السمنة یقتصر مفعولها غالبا علی طرح المزید من الماء المخزون فی الأنسجة الدهنیة بتزاید كمیة البول. غیر أن هذه لا تلبث أن تستعید ما فقدته من الماء بعد التوقف عن تعاطی الدواء بوقت قصیر.

و من الغریب أن الهزال وسوء التغذیة یؤدیان أیضا الی تجمع الماء فی الجلد والأنسجة الدهنیة، كما أن عجز الكلی فی بعض الحالات المرضیة عن افراز البول كله یؤدی الی تجمع السوائل فی الجلد و غیره من أنحاء الجسم، و كذلك القصور والاحتقان فی الدورة الدمویة لوجود ما یعیق جریان الدم فی الأوعیة أو لاصابة القلب بالمرض والوهن.



[ صفحه 766]



أما تأثیر الماء فی حاسة الذوق فلا بدلنا أن نتعرف أن وجود اللعاب وكما عرفنا سابق أن الماء یشكل جزءا أساسیا فی تركیبه، یلعب دورا هاما فی حساسة لذوق، و أن المذاق أربعة أنواع الحامض والمالح والحلو والمر. وقد وجد العلماء أن لكل طعم من هذه الطعوم منطقة معینة من اللسان تختص بذوقه. فتذوق الطعم الحلو متركز فی منطقة رأس اللسان، و تذوق الطعم المر مركز فی مؤخرته، و تذوق الطعم الحامض مركز فی طرفیه، و تذوق الطعم المالح مركز فی رأس اللسان و طرفیه، و تتألف كل منطقة، من هذه المناطق، من عدد كبیر من الحلیمات الدقیقة، فاذا مرت علیها السوائل والمواد المنحلة نبهت الخلایا الذوقیة تنبیها كیمیائیا، ینتقل بواسطة عصب الذوق الی المنطقة المختصة من الدماغ فیحصل احساس الذوق، وقد وجد أن الحلیمات الذوقیة المنتشرة علی اللسان نوعان: حلیمات كمئیة یشبه شكلها الكمأة تتحسس بالطعم الحامض والمالح، و حلیمات كأسیة یشبه شكلها الكأس تتحسس بالطعم المر.

و قد یحدث أن یكون نوع من هذه الخلایا متخربا فی اللسان، فیفقد المرء تذوق طعم من الطعوم فلا یعود یتحسس به مهما تناول من مأكولاته.

فاللسان اضافة الی أنه یلعب دور هام فی حس الذوق، و لللعاب دور أساسی فی هذا الاحساس، فانه كذلك له دور أساسی و بارز فی حس اللمس والمضغ والبلع والتصویت.

و نقل العلامة المجلسی قد سره روایة حول اللسان جاء فیها: و أما اللسان فهو مخلوق من لحم أبیض لین رخو، قد التفت به عروق صغار كثیرة منها شرایین و منها أوردة، و بسببها یحمر لونه، و عند مؤخره لحم غددی یسمی مولد اللعاب، و تحته فوهتان تفضیان الی هذا اللحم تسمیان بساكبی اللعاب بهما تنسكب الرطوبة والرضاب [1] من اللحم الغددی الی اللسان والفم، و تحته أیضا عرقان كبیران أخضران تسمیان الصردان، و هو ذو شفتین طولا، ولكنهما فی غشاء واحد متصل بغشاء الفم و المری ء والمعدة الا فی بعض الحیوانات كالحیة فان شفتی لسانها لیسا فی غشاء واحد، و لهذا یظهران و علی حرم اللسان عصبة منبثة هی محل القوة



[ صفحه 767]



الذائقة للطعوم بتوسط الأجسام المماسة المخالطة للرطوبة اللعابیة المستحیلة الی طعم الوارد، و محلیتها له من جهة ما هو وراءها من جوهر الروح. و علی اللسان زائدتان ثابتتان الی فوق كأنهما أذنان صغیرتان تسمیان باللوزتین وجوهر هما لحم عصبانی غلیظ كالغدة، و منفعتهما مثل منفعة اللهة و یأتی ذكرها، و انما خلق اللسان لیكون آلة تقطیع الصوت و اخراج الحروف و تبیینها و آلة تقلیب الممضوغ كالمجرفة، و آلة تمییز المذوق، و أعدلها فی الطول والعرض أقدر علی الكلام من عظمیها جدا أو من الصغیر المتشنج [2] .

من خلال هذا البحث عرفنا ما هو المقصود بالنار والنور والریح والماء الذی ورد فی الروایات، و توصلنا الی أن المقصود من النار هو حامض الهیدروكلریك الموجود فی المعدة، و عملیة الهضم الكیمیائیة التی تتم بوجود هذا الحامض اضافة الی وجود خمیرة الببسین Pepsin و كذلك عرفنا من خلال البحث أن بواسطة العین و انعكاس النور فیها كیف یتم الابصار.

و كذلك توصلنا فی مفهوم الریح علی ما اشتمل علیه من بحث أهمیة الهواء و تأثیره المباشر علی الانسان فی استمرار الأعمال الحیویة لأعضاء البدن، كالتنفس والسمع و افراز الغدد الداخلیة لجسم الانسان.

و عرفنا من خلال البحث أهمیة الماء بالنسبة لحیاة البشر، و كیف یدخل فی تركیبة جسم الانسان و ما هی آثاره الجانبیة، و تأثیره فی حاسة الذوق من خلال التركیب الأساسی للعاب الموجود فی الفم، والذی تفرزه الغدد اللعابیة.

فهذا تأكید و تفسیر الی ما ورد فی الروایات السابقة عن أئمة الهدی علیهم السلام فی شأن طبائع الانسان ومصداق للروایة المنقولة عن نهج البلاغة، قال علیه السلام: «أعجبوا لهذا الانسان ینظر بشحم، و یتكلم بلحم، و یسمع بعظم، و یتنفس من خرم». [3] .

ولاحظنا التفسیر العلمی الحدیث لهذه الأعضاء و عملها و هی دلیل قدرة الخالق جل وعلا لهذا الانسان.



[ صفحه 768]




[1] الرضاب - بالضم: الماء العذب، والريق المرشوف.

[2] بحارالأنوار: 59 / 19 - 18.

[3] بحارالأنوار: 58 / 307.