کد مطلب:248607 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:286

مقدمة
بسم الله الرحمن الرحیم

لا ریب فی ان اغرب و اعجب قصة فی جمیع أرجاء الوجود هی قصة خلافة الانسان فی الأرض، و لو تعمقنا فی الرؤیة لوجدنا ان تكریم الانسان علی سائر المخلوقات هو بسبب هذه المیزة و هی التمتع بموهبة عظیمة و هی كونه «خلیفة الله».

یقول حافظ الشیرازی:



آسمان بار امانت نتوانست كشید

قرعه ی فال به نام من دیوانه زدند



یعنی: «لم تستطع السماوات ان تتحمل عبی ء الأمانة، فوقعت القرعة باسمی انا المجنون».

ان مجموعة أنبیاء الله و أوصیائه من آدم و حتی النبی الخاتم، و من النبی الخاتم (صلی الله علیه و آله و سلم) و حتی الامام القائم (علیه السلام) فی تاریخ معرفة الله و معنویة الانسان تشبه الجبال الشاهقة التی تضم فی باطنها معادن العلم و الحكمة والولایة، و هی تشكل الواسطة بین الله تعالی و سائر المخلوقات، و هی الحافظة للأمانة الالهیة (الخلافة) فی الأرض.



[ صفحه 4]



و هذه السلسلة من جبال المعنویات تعتبر أفضل المخلوقات و أقربها الی الله و هی الأسوة و القدوة للآخرین، و حیاة كل واحد من هؤلاء لم تكن حیاة عادیة فی عصره بسبب ما بتمتع به من علوم تتعلق بماوراء هذا العالم و بسبب افعاله و أقواله الالهیة، فكانت تتضمن عجائب و غرائب كثیرة فی المناسبات المختلفة، فنوح (علیه السلام) عمر ما یناهز الف عام و كان خلالها نبیا، و أخیرا ارسل الله تعالی علی اعدائه طوفانا أغرقهم به، و أنزل من السماء العذاب علی مخالفی هود و صالح (علیهماالسلام) و منكری نبوتهما، و سقط ابراهیم الخلیل (علیه السلام) فی النار كالفراشة لكنها اصبحت له باذن الله بردا و سلاما، و تحولت العصا فی ید موسی علیه السلام باذن الله الی ثعبان یلقف افك الفراعنة، و تحكم سلیمان (علیه السلام) فی مسیر الریح و كلم الطیر، و احیا عیسی باذن الله الأموات، و أما نبی الاسلام الأكرم (صلی الله علیه و آله و سلم) فقد رافقته عدة عجائب، فبولادته تحطمت الأصنام وانهدم اربعة عشر ایوانا من قصر كسری، و انطفأت نار فارس و... و خلال نبوته تغیر العالم و بدأت البشیریة عصرا جدیدا.

أجل ان اغرب القصص فی تاریخ العالم هی قصة خلافة الانسان لله فی الأرض. و أینما تجلت هذه الموهبة الغریبة و فی ای نموذج ظهرت فقه رافقتها عجائب و غرائب عدیدة.

و من جملة تلك العجائب ان الأنبیاء و الأئمة لم یدرسوا عند أحد و لم یكتسبوا علومهم من استاذ بشری، و انما اخذ و اتلك العلوم من



[ صفحه 5]



الذات الالهیة الفیاضة.

و قد أدت هذه الخاصة - و هی عدم الحاجة الی التعلم - الی أن لا یكون للعمر دور فی الرسالة الالهیة للقادة السماویین، و انما یختار الشخص فی ای عمر كان بارادة الله و تأییده للنبوة و هدایة الناس، و من هنا فقد اختیر البعض فی اواسط عمرهم والبعض فی سنین أعلی و البعض فی شبابهم والبعض فی طفولتهم لهذا المنصب الرفیع - خلیفة الله - الذی لا یمكن الظفر به الا بارادة الله تعالی و مشیئته، و عند ما تتعلق ارادة الله بشی ء فانه لا دور هناك للعمر و مقدار السنین...

و هكذا كان حیث نلاحظ بتصریح من القرآن الكریم ان «یحیی» قد ظفر بالنبوة و هو صبی، و ان «عیسی» قد نال النبوة و هو فی المهد. یقول عزوجل:

«یا یحیی خذ الكتاب بقوة و آتیناه الحكم صبیا» [1] .

و یقول سبحانه:

«قالوا كیف نكلم من كان فی المهد صبیا، قال انی عبدالله آتانی الكتاب و جعلنی نبیا» [2] .

و بناء علی هذا فمن السذاجة والجهل ان یشكل بعض المعاندین علی امامة بعض أئمتنا الطاهرین الذین نالوا منصب



[ صفحه 6]



الامامة فی سنین الطفولة. اذن من یعترض علی امامة الامام الجواد علیه السلام قائلا كیف یصل الی الامامة و هو فی سن الثامنة او التاسعة، فقد دل علی جهله و خالف امرا ینص القرآن الكریم علی امكانه.

فالامام أبوجعفر محمد بن علی الجواد علیهماالسلام تولی الامامة و خلافة الله فی الأرض بعد استشهاد والده الكریم، و ذلك بتصریح الأئمة السابقین. و بتعیین مسبق من قبل الامام الثامن صلوات الله علیه، و بسبب صغر سنه فقد تعرض كثیرا للاختبار و الامتحان من قبل الأعداء و الجهلاء، الا ان تجلی العلوم الالهیة علی ید هذا الامام الكریم كان بشكل باهر ورائع بحیث ینبغی ان تؤخذ امامة هذا الامام الجلیل شاهدا و مؤیدا لنبوة یحیی و عیسی، لا أن تؤخذ نبوة هذین النبیین الكریمین شاهدا علی امامة هذا الامام الجلیل.

شوری المؤلفین لمؤسسة فی طریق الحق



[ صفحه 7]




[1] سورة مريم، الآية 12.

[2] سورة مريم، الآيتان 30-29.