کد مطلب:266670 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:262

تمهید
من المعروف أن العلوم الشرعیة نشأت من الحاجة التی حدت بالمسلمین إلی إنشائها، ثم تكاملت وصارت لها أصولها وقواعدها وعلماؤها وكتبها الخاصة بها.

فعلوم اللغة نشأت من الحاجة إلی فهم القرآن الكریم والحدیث الشریف، وهما بلسان عربی مبین، فتدرجت هذه العلوم فی الظهور: اللغة ثم النحو ثم الصرف فالبلاغة...

وعلوم الفقه وأصوله نشأت من الحاجة إلی معرفة الأحكام الشرعیة بعد



[ صفحه 10]



غَیْبة المبین للشرع الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) وبعد أن اختلفت الأقول فی مسائل العبادات والمعاملات.

وهكذا قل فی جمیع العلوم الشرعیة.

ومنها علم یسمی بـ (علم الكلام) نشأ بعد تفرق المسلمین فی الآراء والأهواء والمسائل الاعتقادیة، كالجبر والتفویض والاختیار والعدل والإرجاء... وغیرها.

وقد عرّفوا علم الكلام بأنه «علم یقتدر معه علی إثبات الحقائق الدینیة بإیراد الحجج علیها ودفع الشبه عنها» [1] .

وكانت مسألة الإمامة والخلافة أساس ذلك الخلاف، فكان محور علم الكلام الأساسی مذیوم السقیفة الی یومنا هذا وسیبقی حتی ظهور الإمام المهدی (علیه السلام)، هو الإمامة وما یرتبط بها و یترتب علیها.

كما اشتمل عل الكلام علی بحوث عقائدیة أخری كانت نتیجة لتفرق الناس عن المعین الطیب لعلوم أهل بیت النبوة سلام الله علیهم، فلو استقام الناس علی إمامة أمیر المومنین الإمام علی بن أبی طالب (علیه السلام) والائمة من ولده (علیهم السلام)، لكفینا مهمة تلك البحوث التی أخذت جهداً جهیداً من العلماء، ولما بقی منها إلاّ ما یختص بالأدیان والملل غیر المسلمة.

و كانت غیبة الإمام الثانی عشر المهدی المنتظر (علیه السلام)، من أهم المحاور التی دارت علیها البحوث الكلامیة منذ بدایة عصرالغیبة الكبری سنة 329هـ وحتی یومنا هذا، فكانت تأخذ أبعاداً مختلفة حسب ما تقتضیه الحاجة والظروف المحیطة خلال الفترات الزمینة المختلفة.



[ صفحه 11]



یظهرذلك بوضوح من خلال كتاب «الغیبة» للشیخ النعمانی، المتوفی حدود سنة 342 هـ، وكتاب «إكمال الدین وإتمام النعمة» للشیخ الصدوق المتوفی سنة 381 هـ، و إن كانا - أساساً - من المحدثین.

ثم كان لبروز متكلمی الإمامیة كمعلّم الأمة الشیخ المفید (336 - 413 هـ) والشریف المرتضی (355-436هـ) وشیخ الطائفة الطوسی (385- 460 هـ) أثراً متمیزاً فی بلورة علم الكلام بشكل جدید.

و نحن نقف الیوم أمام طود شامخ من أعلام الإمامیة، ألا وهو:

علم الهدی أبوالقاسم علی بن الحسین الموسوی، الشریف المرتضی، قدّس سرّه:

نقف أمامه بكل تجلّة وإكبار لما بذله فی الذبّ عن العقیدة بكتبه الكلامیة العدیدة كالشافی، والذخیرة، وتنزیه الأنبیاء والأئمة، وجمل العلم والعمل، والمقنع فی الغیبة، وغیرها كثیر...

ویكفیه فخراً أن یكون تلمیذاً للشیخ المفید، ویكفیه عزاً أن یكون شیخ الطائفة الطوسی وسلار الدیلمی وأبو الصلاح الحلبی والكراجكی وغیرهم من الجهابذة من المتخرّجین علی یدیه.

وهو - قدّس سرّه - أشهر من أن یعرّف، إذ لا تكاد تجد مصدراً من مصادر التاریخ والتراجم خالیاً من ترجمته، وقد كفانا أصحابها ذلك، فتفصیلها مرهون بمظانّها.


[1] مفتاح السعادة و مصباح السيادة ‍ 132/2.