کد مطلب:286780 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:251

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله الذی نصب لكلّ عصرٍ إمامَ هدیً، فلـم یدع أمر الخلق إلیهم سُدیً، ووعد الصالحین من عباده أن یورثهم الثری، بعدما مُلئت أطباقها ظلماً وجوراً، وصلّی الله وسلّم علی سیّد المرسلین، وقائد الغرّ المحجّلین، محمّـد وعلی آله أُولی التقی والطاعة، لا سیّما المنتظر الموعود به قبل قیام الساعة.

وبعد:

فإنّ كثیراً ممّن یدّعی اتّباع السُنّة وملازمة الجماعة، قد دلع لسانه بإرجاف المؤمنین ورمیهم بكلّ شناعة، منكراً علیهم اعتقادهم خروج المهدیّ المنتظر الموعود به فی آخر الزمان، عند انفراط الاَمر، وكثرة الهرج والمرج، وامتلاء الدنیا ظلماً وجوراً، وضربَ بالاَحادیث الصحیحة، والسنن الصریحة عرض الجدار، فویل لهم ممّا عملوا، وویل لهم ممّا یصنعون.



[ صفحه 2]



وقد ازداد هذا الاَمر شدّةً عند جماعة من المنتمین إلی العلم ـ وهم خلوٌّ منه ـ حتّی تولّی كِبْرَ ذلك مشایخ سوءٍ [1] فضحهم الله علی رؤوس الاَشهاد، وأخزاهم فی الدنیا قبل المعاد.

وربّما تشبّث المنكِرون لاَمر المهدیّ علیه الصلاة والسلام بما رواه ابن ماجة والحاكم عن أنس: «لا مهدیّ إلاّ عیسی بن مریم».

وهذا من فرط جهلهم وضلالهم، إذ قد بلغ الفرق بینهما فی الاشتهار مبلغ الشمس فی رائعة النهار.

ولمّا كانت هذه الفتنة یستفحل أمرها زماناً، وتخمد نار ضلالتها أحیاناً، رأیت أن أجمع فی ذلك رسالة تكون وازعةً للجاهلین، ورادعةً للضالّین عن إنكار ما علم ثبوته بالتواتر، والخوض فی ما لا یبلغه فكرهم القاصر، عسی الله أن یقطع بذلك دابرهم، ویكشف عن أهل الحقّ شرّهم، إنّه علی ما یشاء قدیر، وبالاِجابة جدیر.

ورتّبتها علی ثلاثة أبواب وخاتمة.



[ صفحه 3]




[1] كابن خلدون وأضرابه من المتقدّمين، ومحمّـد رشيد رضا، ومحمّـد فريد وجدي، ومحمّـد عبـد الله السمّان، وعبـد الله بن زيد المحمود رئيس المحاكم الشرعية بقَطَر، فإنّه كتب ـ بعد وقوع حادثة الحرم المكّي الشريف غرّة محرّم الحرام سنة 1400 هـ علي يد جهيمان بن سيف العتيبي وأنصاره ـ رسالةً في إنكار المهدي سمّاها «لا مهديّ يُنْتَظر بعد الرسول خير البشر» وقد استوفي الكلام في الردّ عليه الشيخ عبـد المحسن بن حمد العبّاد.

وأمثال هؤلاء الّذين يدّعون العلم بالسُنّة، كثيرون في كلّ صقع ومكان، فيقتحمون في ما ليس من شأنهم، فيخبطون خبط عمياء، في ليلة ظلماء، فيفضحون أنفسهـم، ويضلّون أقوامـاً آخرين، ولو سكتوا لكان خيراً لهـم وأقوم، والله الهادي إلي سواء السبيل.