کد مطلب:352925 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:288

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحیم - الحمد لله رب العالمین - وأفضل الصلاة وأزكی

التسلیم علی سیدنا ومولانا محمد المبعوث رحمة للعالمین سید الأولین والآخرین والمنزه عن كل ما هو مشین، وعلی آله الطیبین الطاهرین أعلام الهدی ومصابیح الدجی وأئمة المسلمین. أما بعد فهذه أسئلة أعددتها للمسلمین الباحثین خاصة منهم أهل السنة الذین یظنون أنهم هم وحدهم المتمسكون بالسنة النبویة الصحیحة علی صاحبها أفضل الصلاة وأزكی التسلیم وعلی آله الطاهرین. بل ویشددون نكیرهم علی غیرهم من المسلمین وینبزونهم بالألقاب. وقد بعثت فی شتی البلاد الإسلامیة جمعیات جدیدة باسم الدفاع عن السنة المحمدیة - وباسم أنصار السنة وأنصار الصحابة، وكتبت كتب عدیدة لشتم وتكفیر الشیعة وأئمتهم والاستهزاء بعلمائهم، وروجت وسائل الإعلام العالمیة هذه الأفكار فی كل أقطار العالم الإسلامی وغیر الإسلامی، وأصبح حدیث الناس الیوم هو السنة والشیعة. وكثیرا ما ألتقی فی المناسبات مع بعض الشباب المثقف من المسلمین الصادقین الذین یتساءلون ویسألون عن حقیقة الشیعة وباطلهم، وهم حائرون بین ما یشاهدونه ویعیشونه مع أصدقاء لهم من الشیعة وما



[ صفحه 6]



یسمعونه ویقرؤونه عنهم ولا یعلمون أین یوجد الحق. وقد تحدثت مع البعض منهم وأهدیت لهم كتابی ثم اهتدیت والحمد لله أن الأغلبیة من هؤلاء وبعد المناقشة والبحث یهتدون لمعرفة الحق فیتبعونه، ولكن هذا یبقی مقصورا علی نخبة من الشباب الذین ألتقی بهم صدفة، أما البقیة فقد لا یتاح لهم مثل هذا اللقاء فتبقی مشوشة الفكر بین الآراء المتضاربة. وبالرغم من وجود الأدلة المقنعة والحجج الدامغة فی كتاب ثم اهتدیت وكتاب مع الصادقین إلا أنهما لا یكفیان لمواجهة تلك الحملات المسعورة والدعایات المكثفة التی تمولها بعض الجهات الشریرة بالبتر ودولار فی مختلف وسائل الأعلام. وبالرغم من كل ذلك سیبقی صوت الحق مدویا وسط الضوضاء المزعجة ویبقی بصیص النور مضیئا الظلام الدامس لأن وعد الله حق ولا بد لوعده من نفاذ قال تعالی: یریدون لیطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون [الصف: 8]. وقال تعالی مبینا بأن أعمالهم هذه ستبوء بالفشل وتنقلب علیهم: إن الذین كفروا ینفقون أموالهم لیصدوا عن سبیل الله، فسینفقونها ثم تكون علیهم حسرة ثم یغلبون والذین كفروا إلی جهنم یحشرون [الأنفال: 36]. لأجل ذلك، كان واجبا علی العلماء والكتاب والمفكرین أن یوضحوا للناس ما أشكل علیهم ویهدوهم سواء السبیل. قال تعالی: إن الذین یكتمون ما أنزلنا من البینات والهدی من بعد ما بیناه للناس فی الكتاب، أولئك یلعنهم الله ویلعنهم اللاعنون، إلا الذین تابوا وأصلحوا وبینوا فأولئك أتوب علیهم وأنا التواب الرحیم [البقرة: 160]. فلما لا یتكلم العلماء ویبحثون فی هذا الموضوع بجد وإخلاص لوجه الله تعالی، وإذا كان سبحانه قد أنزل البینات والهدی، وإذا كان قد أكمل الدین وأتم النعمة، وإذا كان رسوله صلی الله علیه وآله وسلم قد أدی



[ صفحه 7]



الأمانة وبلغ الرسالة ونصح للأمة، فلماذا هذه التفرقة والعداوة والبغضاء والتنابز بالألقاب، وتكفیر بعضنا البعض. وأنا بدوری أقف وقفة صریحة هنا لأقول لكل المسلمین بأن لا خلاص ولا نجاة ولا وحدة ولا سعادة ولا جنة إلا بالرجوع إلی الأصلین الأساسین كتاب الله وعترة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم، وإلا بالركوب فی سفینة النجاة وهی مركب أهل البیت علیهم السلام. ولیس هذا القول كلاما من اختراعی، إنما هو كلام الله ورسوله صلی الله علیه وآله وسلم فی القرآن الكریم والسنة النبویة الشریفة، إن المسلمین الیوم أمام اتجاهین اثنین فی طریق الوحدة المنشودة. الأول: هو أن یقبل أهل السنة والجماعة بمذهب أهل بیت الرسول صلی الله علیه وآله وسلم وهو ما یأخذ به الشیعة الإمامیة الاثنا عشریة، ویصبح بذلك المذهب الخامس لدیهم ویتعاملون مع نصوص الفقهیة بالنحو الذی یتعاملون به مع المذاهب الإسلامیة الأربعة، فلا ینقصونه ولا ینبزون معتنقیه بشئ ویتركون للطلبة والمثقفین حریة اختیاره المذهب الذی یقتنعون به، وضمن نفس السیاق فإن علی المسلمین - سنة وشیعة - القبول بالمذاهب الإسلامیة الأخری كالأباضیة والزیدیة.. ورغم أن هذا الاتجاه یمثل حلا یوفر علی أمتنا كثیرا من التنافر والتفرقة إلا أنه لا ینهض إلی مستوی المعالجة الحاسمة للمعضل التاریخی الذی تعیشه منذ قرون. - الاتجاه الثانی: هو أن یتوحد المسلمون كافة علی عقیدة واحدة رسمها كتاب الله ورسوله وذلك عن طریق واحد وصراط مستقیم وهو اتباع أئمة أهل البیت الذین أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهیرا، ولهذا السبب فالمسلمون كافة سنة وشیعة متفقون علی أعلمیتهم وتقدمهم فی كل شئ من تقوی وورع وزهد وأخلاق وعلم وعمل، ویختلف المسلمون فی الصحابة، فلیدع المسلمون ما اختلفوا فیه إلی ما اتفقوا علیه، من باب قول الرسول صلی الله علیه وآله وسلم دع ما یریبك إلی ما لا یریبك. فتجتمع بذلك الأمة وتتوحد علی قاعدة أساسیة هی مدار كل شئ أسسها صاحب الرسالة فی قوله: تركت فیكم الثقلین ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا،



[ صفحه 8]



كتاب الله وعترتی أهل بیتی صحیح مسلم. وإذا كان هذا الحدیث صحیحا عند الطرفین بل عند كل المسلمین علی اختلاف مذاهبهم، فما بال قسم من المسلمین لا یعمل به؟؟؟ ولو عمل المسلمون كافة بهذا الحدیث لنشأت بینهم وحدة إسلامیة قویة لا تزعزعها الریاح ولا تهدها العواصف، ولا یبطلها الإعلام ولا یفشلها أعداء الإسلام. وحسب اعتقادی أن هذا هو الحل الوحید لخلاص المسلمین ونجاتهم وما سواه باطل وزخرف من القول، والمتتبع للقرآن والسنة النبویة والمطلع علی التاریخ والمتدبر فیه بعقله یوافقنی بلا شك علی هذا. أما إذا فشل الاتجاه الأول وهو فاشل من أول یوم فارق فیه رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الحیاة حیث اختلف الصحابة وتسبب ذلك فی انقسام الأمة وتمزیقها، وحیث فشلت الأمة عبر قرون فی الرجوع إلی الاتجاه الثانی وهو الاعتصام بالكتاب والعترة، لما بثته وسائل الإعلام قدیما فی العهدین الأموی والعباسی، وحدیثا فی عصرنا الحاضر من تشویه وتضلیل وتكفیر لأتباع أهل البیت النبوی - فلم یبق أمامنا حینئذ إلا المواجهة بصراحة وإظهار الحق لكل من یرغب به، متوخین فی ذلك أسلوب القرآن الكریم إذ یتحدی فیقول:.. قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقین [البقرة: 111]. والبرهان والحجة لا یفرضان بالقوة ولا بالأموال ولا یطرحان بوسائل الترغیب والترهیب عند الأحرار الذین باعوا أنفسهم لله وحده ولم ولن یرضوا بدیلا للحق ولو كلفهم ذلك إزهاق النفوس. فیا لیت علماء الأمة الیوم یعقدون مؤتمرا لیبحثوا فیه هذه المسائل بقلوب منفتحة وعقول واعیة ونفوس صافیة، ویخدمون بذلك الأمة الإسلامیة ویعملون علی لم شتاتها وتضمید جراحاتها وتوحید صفوفها وجمع كلمتها. إن هذه الوحدة قادمة لا محالة أحبوا أم كرهوا لأن الله سبحانه رصد لها إماما من ذریة المصطفی سیملئها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. وهذا الإمام هو من العترة الطاهرة وكأن الله سبحانه جلت حكمته یمتحن



[ صفحه 9]



هذه الأمة طیلة حیاتها، حتی إذا قرب أجلها كشف لها عن خطأ اختیارها وأعطاها فرصة للرجوع إلی الحق واتباع النهج الأصیل الذی دعا إلیه محمد صلی الله علیه وآله وسلم الذی كان یقول: اللهم اهد قومی فإنهم لا یعلمون. وإلی أن یحین ذلك الوقت أقدم كتابی هذا فاسئلوا أهل الذكر وهو جملة من الأسئلة مع الإجابة علیها من خلال مواقف وتعالیم أئمة أهل البیت سلام الله علیهم - عسی أن یستفید منها المسلمون فی كل البلاد الإسلامیة ویعملوا علی تقریب وجهات النظر للإعداد للوحدة المنشودة. وما توفیقی إلا بالله علیه توكلت وإلیه أنیب، رب اشرح لی صدری ویسر لی أمری وأحلل عقدة من لسانی یفقهوا قولی، أسأله سبحانه وتعالی أن یتقبل عملی ویجعل فیه الخیر والبركة، فما هو إلا لبنة واحدة لبناء رباط الوحدة. أقول هذا لأن المسلمین الیوم ما زالوا بعیدین عن أبسط حقوق الإنسان والتعامل بالحسنی مع بعضهم البعض. لمست ذلك بنفسی خلال رحلاتی وزیاراتی الكثیرة فی البلدان الإسلامیة أو البلدان التی فیها مسلمون. وآخرها عهدا فی القارة الهندیة التی یسكنها أكثر من مائتی ملیون مسلم ربعهم شیعة وثلاثة أرباعهم من السنة، وقد سمعت عنهم الكثیر ولكن ما شاهدته یبعث فعلا علی الدهشة والحیرة والخوف، ولقد تأسفت وبكیت علی مصیر هذه الأمة، وكاد الیأس یدب إلی قلبی لولا الرجاء والأمل والإیمان. وفور رجوعی من الهند أرسلت رسالة مفتوحة إلی العالم الهندی الذی یرجع إلیه أهل السنة والجماعة فی تلك القارة وهو أبو الحسن الندوی ووعدته بنشرها مع الرد علیها ولكن لم أتلق الرد علیها حتی الآن وإنی أنشرها فی مقدمة هذا الكتاب كما هی لتكون وثیقة تاریخیة تشهد لنا عند الله وعنه الناس بأننا من دعاة الوحدة. الدكتور محمد التیجانی السماوی



[ صفحه 11]