کد مطلب:145492
شنبه 1 فروردين 1394
آمار بازدید:295
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحیم انها مصیبة عظیمة و مؤلمة تتناهی الی الأسماع آهات شجیة مقرحة للقلوب، لبطل استفردته الذئاب الضاریة فی صحراء نینوی... لا زالت أصوات البكاء و النحیب لأهل بیته و حریمه تشق حواجز الزمان و المكان لتستقر فی سمع كل ذی رحمة و رأفة، و تنمی فیه الفطرة السلیمة و الأحاسیس المرهفة.
حقا أن المحبة و الود، الدموع و البكاء أكبر من الزمان و المكان، اذ لیس لهما سبیل الی وادی العشق هذا.
شخصیة یقف الیراع، و تقف البشریة عاجزین عن التعریف به فضلا عن درك مقامه الشامخ و وصفه.
ان هكذا رجل لیس بمقدور أحد سوی الله خالقه و أنبیائه المرسلین و خاتمهم صلی الله علیه و آله و سلم و أوصیائه علیهم السلام، أن یعرفه حق معرفته.
تری من هو؟
و أی نور ربانی هو؟
و أی نجم ساطع فی دنیا الظلام هذا؟
و أیة سفینة نجاة هو؟
انه الحسین بن علی علیهماالسلام الذی یقول الله تعالی فیه مخاطبا نبیه صلی الله علیه و آله و سلم:
یا محمد!... و جعلت حسینا خازن وحیی، و أكرمته بالشهادة، و أعطیته مواریث الأنبیاء، فهو سید الشهداء... [1] .
و الذی یقول فیه جده المصطفی محمد صلی الله علیه و آله و سلم واصفا ایاه:
حسین منی و أنا من حسین... اسمه مكتوب عن یمین العرش: ان الحسین مصباح الهدی، و سفینة النجاة،... [2] .
و هو الذی یقول فیه أبوه امیرالمؤمنین علی علیه السلام:
بأبی و أمی الحسین المقتول بظهر الكوفة [3] .
و الذی یقول فیه أخوه الحسن السبط علیه السلام مبینا عظم مصیبته:
لا یوم كیومك یا أباعبدالله! [4] .
نعم، انه المظلوم الذی یقول فی حق نفسه:
أنا قتیل العبرة، لا یذكرنی مؤمن الا بكی [5] .
و یقول فیه ولده الامام السجاد علیه السلام:
أنا ابن من قتل صبرا، و كفی بذلك فخرا. [6] .
و یقول فیه الامام الصادق علیه السلام:
الحسین علیه السلام عبرة كل مؤمن [7] .
و یقول فیه الامام الرضا علیه السلام واصفا یوم مصیبته:
ان یوم الحسین علیه السلام أقرح جفوننا، و أسبل دموعنا، و أذل عزیزنا بأرض كرب و بلاء، أورثتنا الكرب و البلاء الی یوم الانقضاء، فعلی مثل الحسین علیه السلام فلیبك الباكون... [8] .
و یقول فیه الآخذ بثأره و المنتقم ممن ظلمه، ولده الامام المنتظر - عجل الله تعالی فرجه - مخاطبا له علیه السلام:
فلئن أخرتنی الدهور، و عاقنی عن نصرك المقدور، و لم أكن لمن حاربك محاربا، و لمن نصب لك العداوة مناصبا، فلأندبنك صباحا و مساء، و لأبكین لك بدل الدموع دما، حسرة علیك، و تأسفا علی ما دهاك و تلهفا، حتی أموت بلوعة المصاب، و غصة الاكتیاب. [9] .
انه الشخصیة التی بقیت عقول البشریة حائرة مبهوتة أمام شجاعته و مظلومیته، و أصبحت لا تملك سوی العواطف الجیاشة، و ذرف الدموع، و البكاء علی مصابه الذی لم یشهد له التاریخ الانسانی مثیلا.
ان اقامة مجالس العزاء، البكاء، ضرب الصدور، و... و... انما تعبر عن العشق و المحبة لسبط النبی الكریم، الذی قص الله تعالی مصابه علی نبیه زكریا علیه السلام
حتی لم یتمالك نفسه لهول ما سمع؛ فانتفض باكیا منتحبا و قال:
الهی! أتفجع خیر جمیع خلقك بولده؟...
الهی! أتلبس علیا و فاطمة علیهماالسلام ثیاب هذه المصیبة؟... [10] .
الحسین علیه السلام هو الدم الذی یطالب به الله تعالی علی ید ولده الخلف الصالح و المهدی المنتظر عجل الله تعالی فرجه لینتقم به ممن أراقه ظلما... ان شاء الله.
و بالرغم من مرور أربعة عشر قرنا علی هذه المصیبة، لا زالت قوافل العزاء لعشاق هذا الامام تحث الخطی فی هذا الوادی بكل اخلاص وبلا ریاء، باقامة العزاء و التعبیر عن عواطفهم و أحاسیسهم تجاه امامهم، كل بمقدار معرفته و عشقه له علیه السلام.
و الذی تجدر الاشارة الیه فی هذا الجانب هو دور أصحاب الأقلام و الكتاب الذین یرسمون الطریق الأصوب لهذه القوافل فی تعبیرها عن حبها لامامها لتصب العبرة و تأخذ العبرة من خلال تصویر وقائع المصیبة لحظة بلحظة.
و لقد أبلی علماء الامامیة فی هذا المضمار بلاء حسنا، حیث صوروا الواقعة تصویرا رائعا جسدوا من خلاله عظم الرزیة و جلل المصاب، فكانت كتب: اللهوف للسید ابن طاووس رحمه الله، و الارشاد للشیخ المفید رحمه الله... و... و...
و كان من جملة هؤلاء العلماء أیضا والذی عرف بولائه و عشقه و ذوبانه فی الامام الحسین علیه السلام.. العالم و الخطیب الألمعی المولی محمد رفیع بن قهرمان الگرمرودی التبریزی. فهو عالم قدیر و خطیب شهیر له علاقة خاصة بمولاه الحسین علیه السلام تری واضحة فی مقدمته لهذا الكتاب، فهو بالاضافة الی وعظه
و ارشاده، كان مهتما جدا بابراز المعالم الواضحة لمدرسة الامام الحسین علیه السلام، و التأكید علیها، و ما هذا الا أثر خالد له رحمه الله وضعه بین یدی سیده علیه السلام لینتفع به یوم لا ینفع مال و لا بنون.
یقول الشیخ آقا بزرگ الطهرانی فی هذا العالم:
الشیخ محمد رفیع التبریزی (... - قرب 1330) هو الشیخ المولی محمد رفیع بن قهرمان الخاتون آبادی الگرمرودی، خطیب كامل و فاضل أدیب، كان من فضلاء عصره و خطبائه البارعین، له «ذریعة النجاة» مقتل فارسی أكثره مأخوذ من «الدمعة الساكبة» للمولی محمد باقر الدهدشتی، فلقد لخص جزئه الثانی خصوص قضایا الطف و رتبها مع نقلها و ترجمتها الی الفارسیة، كما أشرنا الیه فی «الذریعة» [11] ... و طبع فی ایران، و توفی قرب سنة 1330 [12] .
هذا الكتاب:
الكتاب الذی بین یدیك كتاب قیم جمع من كتب المقاتل المهمة، و قد سعی مؤلفه رحمه الله أن ینقل فیه عن كتب التاریخ المعتبرة، و یصوغه بهذه الحلة القشیبة لیضعه فی متناول أیدی عشاق و محبی أهل بیت العصمة و الطهارة علیهم السلام، و یمكن القول: أنه كتاب قل نظیره فی مقوله، و واحد من المصادر و المراجع فی هذا الباب، و موضع اهتمام كبار العلماء.
بعد فراغ المؤلف رحمته الله من تألیف هذا الكتاب القیم باللغة العربیة، شرع
بترجمته الی اللغة الفارسیة، فطبع باللغتین - الأصل العربی و ترجمته الفارسید بین الأسطر - علی الحجر ثلاث مرات، فی السنوات، 1300 ه، 1304 ه، و 1317 ه.
و بتوفیق من الله تعالی و عنایة أئمتنا المعصومین علیهم السلام و خاصة سید الشهداء الحسین علیه السلام و صاحب الأمر و الزمان عجل الله تعالی فرجه و وفقنا لتحقیق هذا الأثر النفیس.
آملین أن تكون آهات و عبرات عشاق و محبی أهل بیت العصمة و الطهارة مجموعة و مقرونة مع آهات و عبرات ولد الحسین علیه السلام الوحید و الغریب و الطرید أعنی قطب دائرة الامكان، امام العصر و الزمان عجل الله تعالی فرجه و أن نكون فی ركابه للأخذ بثأر جده و أهل بیته، آمین رب العالمین.
قم المقدسة - محرم الحرام 1422 ه
محمد حسین الرحیمیان
[1] مثير الأحزان: 4.
[2] البحار: 205 / 36 ح 8.
[3] مثير الأحزان: 4.
[4] البحار: 218 / 45.
[5] البحار: 279 / 44 ح 5.
[6] مثير الأحزان: 4.
[7] البحار: 280 / 44 ح 11.
[8] البحار: 283 / 44 ح 17.
[9] الصحيفة المباركة المهدية: 430.
[10] البحار: 223 / 44 ح 1.
[11] الذريعة: 32 / 10.
[12] نقباء البشر: 788.