کد مطلب:205458 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:368

مناظراته
فی عصر الامام الصادق علیه السلام بدأ المترجمون بنقل الفلسفة من الاغریق، و راجت سوقها بین المتكلمین، كما أن النزعة المذهبیة قوت آنذاك، فظهرت علی الشاشة مذاهب جدیدة و آراء فقهیة، كل هذا ساعد علی كثرة المناظرات بین علماء المسلمین، و فی نفس الوقت ظهرت موجة الحادیة قویة لا عهد للمسلمین بها من قبل.

كان یتزعم هذه الموجة كل من: ابن أبی العوجاء، و أبی شاكر الدیصانی، و عبدالله بن المقفع، و عبدالملك البصری، و قد لعبت هذه الجماعة دورا كبیرا حتی اهتمت الحكومة بوضع حد لنشاطها، فأخذت تتبعهم و تقتل من ظفرت به منهم.

و كان المتكلمون، و أرباب المذاهب، و الملاحدة، یقصدون الامام الصادق علیه السلام لكشف شبهاتهم، و للمناظرة فیما عندهم، فكان علیه السلام یكلم كلا منهم باختصاصه، و یدینه من كلامه، یكلم المسلم بالكتاب و السنة، و الفیلسوف بالفلسفة و الحكمة، و الطبیعی بالطبیعة، و الطبیب بالطب، و ربما ابتدأ غیره بالمناظرة اظهارا للحق، و اقامة للحجة، و قطعا للمعذرة.

قال الدكتور الكیالی: و كان موقفه من التنازع و الجدل موقف العالم المناضل، و الفیلسوف المؤمن، القوی بحجته و براهینه، الراجح فی عقله و استدلاله، یدافع عن حقیقة الاسلام بما یقره العلم الصحیح، و الایمان الحق، و المنطق الصائب، و یدلی بعلمه و آرائه بصراحة، و یرد علی خصمه بالبلاغة الباهرة، و الأدلة القاطعة [1] .



[ صفحه 449]



و قال الأستاذ الكبیر محمد أبوزهرة: و لقد اشتهرت مناظرات الامام الصادق حتی صار مصدرا للعرفان بین العلماء و كان مرجعا للعلماء فی كل ما یعضل علیهم الاجابة عنه من أسئلة الزنادقة و توجیهاتهم، و قد كانوا یثیرون الشك فی كل شی ء، و یستمسكون بأوهی العبارات، لیثیروا غبارا حول الحقائق الاسلامیة و الوجدانیة التی هی خاصة الاسلام [2] .

و لو جمعنا ما وصل الینا من مناظراته علیه السلام لجاءت كتابا مستقلا، فنقتصر بما یناسب حجم هذه السلسلة:

1 - قال الدكتور أحمد أمین: انه ناظر أباحنیفة فی الرأی، قال جعفر الصادق لأبی حنیفة: أیهما أعظم: قتل النفس أو الزنا؟

قال: قتل النفس.

قال: فان الله قد قبل فی قتل النفس شاهدین، و لم یقبل فی الزنا الا أربعة.

ثم سأله: أیهما أعظم الصلاة أو الصوم؟

قال: الصلاة.

قال: فما بال الحائض تقضی الصوم و لا تقضی الصلاة؟ فكیف یقوم لك القیاس؟ فاتق الله و لا تقس [3] .

2 - سأل أبوحنیفة عن قوله تعالی: (و الله ربنا ما كنا مشركین).

فقال علیه السلام: ما تقول فیها یا أباحنیفة؟

فقال: أقول: انهم لم یكونوا مشركین فقال أبوعبدالله علیه السلام: قال الله تعالی: (انظر كیف كذبوا علی أنفسهم).

فقال: ما تقول فیها یا ابن رسول الله؟

فقال علیه السلام: هؤلاء قوم من أهل القبلة أشركوا من حیث لا یعلمون [4] .



[ صفحه 450]



3 - عن حفص بن غیاث: قال: شهدت المسجد الحرام و ابن أبی العوجاء یسأل أباعبدالله علیه السلام عن قوله تعالی: (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غیرها لیذوقوا العذاب) ما ذنب الغیر؟

فقال علیه السلام: ویحك هی هی، و هی غیرها.

قال: فمثل لی ذلك شیئا من أمر الدنیا؟

فقال علیه السلام: نعم، أرأیت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها، ثم ردها فی طینها فهی هی و هی غیرها [5] .

4 - سأله ابن أبی العوجاء: لو كان الأمر كما تقول فما منع الله من الظهور لجمیع خلقه، و دعوتهم الی عبادته، حتی لا یصبح اثنان منهم علی خلاف، لماذا اختفی عنهم و مع ذلك أرسل رسلا، لو كان قد ظهر بذاته لكان أسهل الی الاعتقاد به؟!

فأجاب جعفر: كیف اختفی عنك من أظهر قدرته فی نفسك أنت، و فی نمائك الخ... و كان جوابا بلیغا حتی قال ابن أبی العوجاء لصاحبه: و ظل یحصی لی قدرة الله التی فی نفسی، و التی لم أستطع رفضها، حتی ظننت أن الله قد نزل بینه و بینی [6] .

5 - قال الربیع: قرأ هندی عند المنصور كتب الطب، و عنده الصادق علیه السلام، فجعل ینصت لقراءته، فلما فرغ قال: یا أباعبدالله أترید مما معی شیئا؟

قال: لا، لأن معی خیر مما هو معك.

قال: ما هو؟

قال: أداوی الحار بالبارد، و البارد بالحار، و الرطب بالیابس، و الیابس بالرطب. وارد الأمر كله الی الله، و استعمل ما قاله رسول صلی الله علیه و آله و سلم و اعلم أن المعدة بیت الداء، و أن الحمیة هی الدواء، و أعود البدن ما اعتاد.



[ صفحه 451]



قال: و هل فی الطب الا هذا!

قال الصادق علیه السلام: افترانی عن كتب الطب أخذت؟

قال: نعم.

فقال علیه السلام: لا و الله ما أخذت الا من عند الله سبحانه و تعالی، فأخبرنی أنا أعلم بالطب أم أنت؟

قال: بل أنا.

قال: فأسألك؟

قال: سل.

فسأله عشرین مسألة و هو یقول: لا أعلم.

فقال الصادق علیه السلام: لكنی أعلم، و هذه الأجوبة: كان فی الرأس شؤون لأن المجوف اذا كان بلا فصل أسرع الیه الصدع، فاذا جعل ذا فصول كان الصدع منه أبعد.

و جعل الشعر فوقه لیوصل بأصوله الأدهان الی الدماغ، و یخرج بأطرافه البخار منه، و یرد الحر و البرد الواردین علیه.

و خلت الجبهة من الشعر لأنها مصب النور الی العینین، و جعل فیها التخطیط و الأساریر لیحبس العرق الوارد من الرأس عن العین قدر ما یمیطه الانسان عن نفسه، كالأنهار فی الأرض التی تحبس المیاه.

و جعل الحاجبان من فوق العینین لیردا علیهما من النور قدر كفایتهما.

و جعل الأنف فیما بینهما لیقسم النور قسمین، الی كل عین سواء.

و جعل العین كاللوزة لیجری فیها المیل بالدواء، و یخرج منها الداء، و لو كانت مربعة أو مدورة، ما جری فیها المیل، و لا وصل الیها دواء، و لا خرج منها داء.

و جعل ثقب الأنف من أسفله لینزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ، و تصعد فیه الأرایح الی المشام، و لو كان فی أعلاه لما نزل داء و لا وجد رائحة.



[ صفحه 452]



و جعل الشارب و الشفة فوق الفم، لیحبسان ما ینزل من الدماغ عن الفم، لئلا یتنغص علی الانسان طعامه و شرابه، فیمیطه عن نفسه.

و جعل اللحیة للرجل یستغنی بها عن الكشف فی المنظر، و یعلم بها الذكر من الأنثی.

و جعل السن حادا لأن به یقع العض.

و جعل الضرس عریضا لأن به یقع الطحن و المضغ.

و جعل الناب طویلا لتشد الأضراس و الأسنان، كالأسطوانة فی البناء.

و خلا الكفان من الشعر لأن بهما اللمس، فلو كان فیهما شعر ما دری الانسان ما یقلبه و یلمسه.

و خلا الشعر و الظفر من الحیاة لأن طولهما سمج، و قصهما حسن، فلو كان فیهما حیاة لألم الانسان قصهما، و كان القلب كحب الصنوبر لأنه منكس، فجعل رأسه دقیقا لیدخل فی الرئة فتروح عنه ببردها، لئلا یشیط الدماغ لحره.

و جعلت الرئة قطعتین، لیدخل بین مظاغطها فتروح عنه بحركتها، و كان الكبد حدباء لثقل المعدة، و تقع جمیعها علیه فیعصرها، فیخرج ما فیها من البخار.

و جعلت الكلیة كحبة اللوبیاء، لأن علیها مصب المنی نقطة بعد نقطة، فلو كانت مربعة أو مدورة احتبست النقطة الأولی الی الثانیة، فلا یتلذذ بخروجها الحی، اذ المنی ینزل من فقار الظهر، فهی كالدودة تنقبض و تنبسط، ترمیه أولا فأولا الی المثانة، كالبندقة من القوس.

و جعل طی الركبة الی الخلف لأن الانسان یمشی الی ما بین یدیه فتعتدل الحركات، و لو لا ذلك لسقط فی المشی.

و جعل القدم متخصرة لأن الشی ء اذا وقع علی الأرض جمیعه ثقل ثقل حجر الرحی، فاذا كان علی حرف رفعه الصبی، و اذا وقع علی وجهه صعب نقله علی الرجل.



[ صفحه 453]



فقال الهندی: من أین لك هذا العلم؟!!

فقال علیه السلام: أخذته عن آبائی، عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، عن جبرئیل، عن رب العالمین، الذی خلق الأجسام و الأرواح.

فقال الهندی: صدقت، و أنا أشهد أن لا اله الا الله، و أن محمدا رسول الله و عبده، و أنك أعلم أهل زمانك [7] .

6 - سأل الزندیق أباعبدالله علیه السلام عن مسائل كثیرة، منها:

كیف یعبد الخلق الله و لم یروه؟

فقال علیه السلام: رأته القلوب بنور الایمان، و أثبتته العقول بیقظتها اثبات العیان، و أبصرته الأبصار بما رأته من حسن التركیب، و أحكام التألیف، ثم الرسل و آیاتها، و الكتب و محكماتها، و اقتصرت العلماء علی ما رأت من عظمته دون رؤیته.

قال الزندیق: ألیس هو قادر علی أن یظهر لهم حتی یرون فیعرفون، فیعبد علی یقین؟

فقال علیه السلام: لیس للمحال جواب.

قال الزندیق: فمن أین أثبت أنبیاء و رسلا؟

فقال علیه السلام: انا لما أثبتنا أن لنا خالقا صانعا متعالیا عنا و عن جمیع ما خلق، و كان ذلك الصانع حكیما لم یجز أن یشاهده خلقه، و لا أن یلامسوه، و لا أن یباشرهم و یباشروه، و یحاجهم و یحاجوه، ثبت أن له سفراء فی خلقه و عباده، یدلونهم علی مصالحهم و منافعهم، و ما به بقاؤهم، و فی تركه فناؤهم، فثبت الآمرون و الناهون عن الحكیم العلیم فی خلقه، و ثبت عند ذلك أن له معبرین، و هم أنبیاء الله و صفوته من خلقه، و هم حكماء مؤدبین بالحكمة، مبعوثین عنه، مشاركین للناس فی أحوالهم علی مشاركتهم لهم فی الخلق و التركیب مؤیدین من عند الحكیم العلیم بالحكمة و الدلائل و البراهین و الشواهد: من احیاء الموتی، و ابراء الأكمه و الأبرص، فلا تخلو الأرض



[ صفحه 454]



من حجة یكون معه علم یدل علی صدق مقال الرسول و وجوب عدالته [8] .

7 - سأله الزندیق: أخبرنی عن قول الله تعالی: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنی و ثلاث و رباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة) و قال فی آخر السورة: (و لن تستطیعوا أن تعدلوا بین النساء و لو حرصتم فلا تمیلوا كل المیل).

قال الصادق علیه السلام: أما قوله تعالی: (فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة) فانما عنی بالنفقة، و قوله تعالی: (و لن تستطیعوا أن تعدلوا بین النساء و لو حرصتم) فانما عنی بها المودة، فانه لا یقدر أحد أن یعدل بین امرأتین فی المودة [9] .

8 - قال هشام بن الحكم: قال أبوشاكر الدیصانی: ان فی القرآن آیة هی قوة لنا قلت: و ما هی؟

فقال: (و هو الذی فی السماء اله و فی الأرض اله) فلم أدر بما أجیبه، فحججت فخبرت أباعبدالله علیه السلام فقال: هذا كلام زندیق خبیث، اذا رجعت الیه فقل له: ما اسمك بالكوفة، فانه یقول: فلان، فقل: ما اسمك بالبصرة؟ فانه یقول: فلان فقل كذلك الله ربنا فی السماء اله، و فی الأرض اله، و فی البحار اله، و فی كل مكان اله.

قال: فقدمت فأتیت أباشاكر فأخبرته، فقال: هذه نقلت من الحجاز [10] .

9 - ان عبدالله الدیصانی أتی هشام بن الحكم فقال له: ألك رب؟

فقال: بلی.

قال: قادر.

قال: نعم، قادر قاهر.

قال: یقدر أن یدخل الدنیا كلها فی البیضة، لا یكبر البیضة و لا یصغر الدنیا؟



[ صفحه 455]



فقال هشام: النظرة.

فقال له: قد أنظرتك حولا، ثم خرج عنه.

فركب هشام الی أبی عبدالله علیه السلام فاستأذن علیه فأذن له، فقال: یا ابن رسول الله أتانی عبدالله الدیصانی بمسألة لیس المعول فیها الا علی الله و علیك فقال أبوعبدالله علیه السلام: عن ماذا سألك؟

فقال: قال لی: كیت و كیت.

فقال أبوعبدالله علیه السلام: كم حواسك؟

قال: خمس.

فقال: أیها أصغر؟

فقال: الناظر.

قال: و كم قدر الناظر؟

قال: مثل العدسة أو أقل منها.

فقال: یا هشام فانظر أمامك و فوقك و أخبرنی بما تری.

فقال: أری سماء و أرضا و دورا و قصورا و ترابا و جبالا و أنهارا.

فقال له أبوعبدالله علیه السلام: ان الذی قدر أن یدخل الذی تراه العدسة أو أقل منها قادر أن یدخل الدنیا كلها البیضة، و لا یصغر الدنیا و لا یكبر البیضة.

فانكب هشام علیه یقبل یدیه و رأسه و رجلیه، و قال: حسبی یا ابن رسول الله فانصرف الی منزله، و غدا الیه الدیصانی فقال: یا هشام انی جئتك مسلما و لم أجئك متقاضیا.

فقال له هشام: ان كنت جئت متقاضیا فهاك الجواب.

فخرج عنه الدیصانی فأخبر أن هشاما دخل علی أبی عبدالله علیه السلام فعلمنا الجواب.

فمضی عبدالله الدیصانی حتی أتی باب أبی عبدالله علیه السلام فاستأذن علیه فأذن له فلما قعد قال له: یا جعفر بن محمد دلنی علی معبودی.



[ صفحه 456]



فقال له أبوعبدالله علیه السلام: ما اسمك؟

فخرج عنه و لم یخبره باسمه.

فقال له أصحابه: كیف لم تخبره باسمك؟

قال: لو كنت قلت له: (عبدالله) كان یقول: من هذا الذی أنت له عبد؟

فقالوا له: عد الیه یدلك علی معبودك و لا یسألك عن اسمك، فرجع الیه و قال له: یا جعفر دلنی علی معبودی و لا تسألنی عن اسمی.

فقال له أبوعبدالله علیه السلام: اجلس، و اذا غلام له صغیر فی كفه بیضة یلعب بها، فقال أبوعبدالله علیه السلام: ناولنی یا غلام البیضة، فناوله ایاها، فقال أبوعبدالله علیه السلام: یا دیصانی هذا حصن حصین مكنون، له جلد غلیظ، و تحت الجلد الغلیظ جلد رقیق، و تحت الجلد الرقیق ذهبة مایعة، و فضة ذائبة، فلا الذهبة المایعة تختلط بالفضة الذائبة و لا الفضة الذائبة تختلط بالذهبة المایعة، هی علی حالها لم یخرج منها مصلح فیخبر عن اصلاحها، و لا دخل فیها مفسد فیخبر عن فسادها، لا یدری للذكر خلقت أم للأنثی، تنفلق عن أمثال ألوان الطواویس، أتری لها مدبرا؟

فأطرق ملیا ثم قال: أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شریك له، و أن محمدا عبده و رسوله، و أنك أمام و حجة من الله علی خلقه، و أنا تائب مما كنت فیه [11] .

10 - قال بعضهم: كنت أنا و ابن أبی العوجاء و عبدالله بن المقفع فی المسجد الحرام، فقال ابن المقفع: ترون هذا الخلق - و أومأ بیده الی موضع الطواف - ما منهم أحد أوجب له اسم الانسانیة الا ذلك الشیخ الجالس - یعنی جعفر بن محمد علیه السلام - فأما الباقون فرعاع و بهائم.

فقال له ابن أبی العوجاء: و كیف أوجبت هذا الاسم لهذا الشیخ دون هؤلاء؟

قال: لأننی رأیت عنده ما لم أر عندهم.

فقال ابن أبی العوجاء: لا بد من اختبار ما قلت فیه منه.



[ صفحه 457]



فقال له ابن المقفع: لا تفعل فأنی أخاف أن یفسد علیك ما فی یدك.

فقال: لیس ذا رأیك، و لكنك تخاف أن یضعف رأیك عندی فی احلالك ایاه المحل الذی وصفت.

فقال ابن المقفع: أما اذا توهمت علی هذا فقم الیه، و تحفظ ما استطعت من الزلل، و لا تثن عنانك الی استرسال یسلمك الی عقال، و سمه ما لك أو علیك.

قال: فقام ابن أبی العوجاء و بقیت أنا و ابن المقفع، فرجع الینا فقال:

یا ابن المقفع ما هذا ببشر، و ان كان فی الدنیا روحانی یتجسد اذا شاء ظاهرا و یتروح اذا شاء باطنا فهو هذا.

فقال له: و كیف ذاك.

فقال: جلست الیه فلما لم یبق عنده غیری ابتدأنی فقال: ان یكن الأمر علی هما یقول هؤلاء و هو علی ما یقولون - یعنی أهل الطواف - فقد سلموا و عطبتم، و ان یكن الأمر علی ما تقولون، و لیس كما تقولون، فقد استویتم أنتم و هم.

فقلت له: یرحمك الله و أی شی ء نقول و أی شی ء یقولون؟ ما قولی و قولهم الا واحد.

قال: فكیف یكون قولك و قولهم واحدا، و هم یقولون: ان لهم معادا و ثوابا و عقابا، و یدینون بأن للسماء الها، و أنها عمران، و أنتم تزعمون أن السماء خراب لیس فیها أحد.

قال: فاغتنمتها منه فقلت له: ما منعه ان كان الأمر كما تقول أن یظهر لخلقه، و یدعوهم الی عبادته حتی لا یختلف منهم اثنان، و لم أحتجب عنهم و أرسل الیهم الرسل؟ و لو باشرهم بنفسه كان أقرب الی الایمان به.

فقال لی: ویلك و كیف احتجب عنك من أراك قدرته فی نفسك، نشوءك و لم تكن، و كبرك بعد صغرك، و قوتك بعد ضعفك، و ضعفك بعد قوتك، و سقمك بعد صحتك، و صحتك بعد سقمك و رضاك بعد غضبك، و غضبك بعد رضاك، و حزنك بعد فرحك، و فرحك بعد حزنك، و حبك بعد بغضك، و بغضك بعد حبك، و عزمك



[ صفحه 458]



بعد ابائك، و ابائك بعد عزمك، و شهوتك بعد كراهتك، و كراهتك بعد شهوتك، و رغبتك بعد رهبتك، و رهبتك بعد رغبتك، و رجائك بعد یأسك، و یأسك بعد رجائك، و خاطرك بما لم یكن فی وهمك، و غروب ما أنت معتقده عن ذهنك. و ما زال یعد علی قدرته التی هی فی نفسی التی لا أدفعها حتی ظننت أنه سیظهر فیما بینی و بینه [12] .



[ صفحه 459]




[1] انظر رسالته في الامام الصادق عليه السلام ص 14.

[2] انظر كتابه الامام الصادق ص 99.

[3] ضحي الاسلام: 3 / 264.

[4] المناقب: 2 / 341.

[5] الاحتجاج للطبرسي 194. الامام الصادق للمظفري: 1 / 23.

[6] الامام الصادق ملهم الكيمياء للدكتور الهاشمي 136.

[7] المناقب: 2 / 336. الخصال 514.

[8] الاحتجاج للطبرسي: 2 / 78.

[9] الامام الصادق لمحمد أبي زهرة 79. الامام الصادق للمظفري عن البحار: 4 /137. كشف الغمة. المناقب: 2 / 327.

[10] التوحيد 133.

[11] التوحيد 124.

[12] التوحيد 127.