کد مطلب:222792 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:337

اجوبته
نقدم فی هذا الفصل طائفة من أجوبة الامام علیه السلام الی بعض من سأله، و تختلف هذه المسائل فمرة فی العقائد، و أخری فی الفقه، و ثالثة فی الأخلاق، و كما اختلفت المسائل فقد اختلف أربابها، فمن ملك طاغ، و عدو متعند، و جاهل مستفهم، و تری الجمیع - علی اختلاف میولهم و مذاهبهم - یذعنون للامام علیه السلام و یسلمون له.

نذكر من ذا و ذاك:

1 - قال: أبوحنیفة - اما المذهب - حججت فی أیام أبی عبدالله الصادق، فلما أتیت المدینة دخلت داره فجلست فی الدهلیز أنتظر اذنه اذ خرج صبی، فقلت یا غلام: أین یضع الغریب الغائط من بلدكم؟

قال: علی رسلك، ثم جلس مستنداً الی الحائط ثم قال: توق شطوط الأنهار، و مساقط الثمار، و أفنیة المساجد، و قارعة الطریق، و توار خلف جدار، و شل ثوبك، و لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها، وضع حیث شئت. فأعجبنی ما سمعت من الصبی فقلت له: ما اسمك؟

قال: أنا موسی بن جعفر بن محمد بن علی بن الحسین بن علی بن أبی طالب.

فقلت له: یا غلام ممن المعصیة؟

فقال: ان السیئات لا تخلو من احدی ثلاث: اما أن تكون من الله و لیست منه فلا ینبغی للرب أن یعذب العبد علی ما لا یرتكب، و اما أن تكون منه و من العبد



[ صفحه 41]



و لیست كذلك، فلا ینبغی للشریك القوی أن یظلم الشریك الضعیف، و اما أن تكون من العبد و هی منه، فان عفا فبكرمه وجوده، و ان عاقب فبذنب العبد و جریرته.

قال أبوحنیفة: فانصرفت و لم ألق أبا عبدالله، و استغنیت بما سمعت [1] .

2 - سأله هارون الرشید: لم جوزتم للعامة و الخاصة أن ینسبوكم الی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم: و یقولوا لكم: یا بنی رسول الله و أنتم بنو علی، و انما ینسب المرء الی أبیه، و فاطمة انما هی وعاء، و النبی علیه السلام جدكم من قبل أمكم؟

فقال علیه السلام: یا أمیرالمؤمنین لو أن النبی صلی الله علیه و آله و سلم نشر فخطب الیك كریمتك هل كنت تجیبه؟

قال: سبحان الله و لم لا أجیبه، بل أفتخر علی العرب و العجم بذلك.

فقال علیه السلام: لا یخطب الی و لا أزوجه.

فقال: و لم؟

قال: لأنه ولدنی و لم یلدك.

فقال: أحسنت یا موسی.

ثم قال كیف قلتم: انا ذریة النبی صلی الله علیه و آله و سلم و النبی علیه السلام لم یعقب، و انما العقب للذكر لا للأنثی، و أنتم ولد الابنة و لا یكون لها عقب؟

قال علیه السلام: أسألك بحق القرابة و القبر الا ما أعفیتنی عن هذه المسألة.

فقال: لا أو تخبرنی بحجتكم فیه یا ولد علی، و أنت یا موسی یعسوبهم و امام زمانهم، كذا انتهی الی، و لست أعفیك فی كل ما أسألك عنه حتی تأتینی فیه بحجة من كتاب الله.

فقال علیه السلام: تأذن لی فی الجواب؟

قال: هات.



[ صفحه 42]



فقال علیه السلام: أعوذ بالله من الشیطان الرجیم بسم الله الرحمن الرحیم، (و من ذریته ی داود و سلیمن و أیوب و یوسف و موسی و هرون و كذلك نجزی المحسنین و زكریا و یحیی و عیسی)، من أبوعیسی یا أمیرالمؤمنین؟

فقال: لیس لعیسی أب.

فقال علیه السلام: انما ألحقناه بذراری الأنبیاء علیهم السلام من طریق مریم، و كذلك ألحقنا بذراری النبی صلی الله علیه و آله و سلم من قبل أمنا فاطمة، أزیدك یا أمیرالمؤمنین؟

قال: هات.

قلت: قول الله عزوجل: (فمن حآجك فیه من بعد ما جآءك من العلم فقل تعالوا ندع أبنآءنا و أبنآءكم و نسآءنا و نسآءكم و أنفسنا و أنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله علی الكذبین) و لم یدع أحد أنه أدخل النبی صلی الله علیه و آله و سلم تحت الكساء عند مباهلة النصاری الا علی بن أبی طالب و فاطمة و الحسن و الحسین علیهم السلام، فكان تأویل قوله عزوجل (أبنآءنا) الحسن و الحسین و (و نسآءنا) فاطمة و (و أنفسنا) علی بن أبی طالب [2] .

3 - سأل محمد بن الحسن - صاحب أبی حنیفة - أباالحسن موسی علیه السلام بمحضر من الرشید و هم بمكة فقال له: أیجوز للمحرم أن یظلل علیه محمله؟

فقال له موسی: لا یجوز له ذلك مع الاختیار.

فقال محمد بن الحسن: أفیجوز أن یمشی تحت الضلال مختاراً؟

فقال له: نعم.

فتضاحك محمد بن الحسن من ذلك.

فقال له أبوالحسن موسی: أفتعجب من سنة النبی صلی الله علیه و آله و سلم و تستهزی ء بها؟! ان رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم كشف ضلاله فی احرامه، و مشی تحت الظلال و هو محرم، و ان أحكام الدین یا محمد لا تقاس، فمن قاس بعضها علی بعض فقد ضل سواء السبیل.

فسكت محمد بن الحسن لا یرجع جواباً [3] .



[ صفحه 43]



4- ان رجلا افتض جاریة معصرا لم تطمث، فسال الدم نحوا من عشرة أیام، فاختلف القوابل أنه دم الحیض أم دم العذرة، و سألوا أباحنیفة عن ذلك فقال: هذا الشی ء أشكل فلتتوضأ، و لیمسك عنها زوجها حتی تری البیاض، فسأل خلف ابن حماد موسی بن جعفر، فقال علیه السلام: تستدخل القطنة ثم تدعها ملیاً، ثم تخرجها اخراجاً رقیقاً، فان كان الدم مطوقاً فی القطنة فهو من العذرة، و انم كان مستنقعاً فی القطنة فهو من الحیض.

فبكی خلف و قال: جعلت فداك من یحسن هذا غیرك.

فرفع یده الی السماء و قال: انی و الله ما أخبرك الا عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، عن الله تعالی [4] .

5 - سأله راهب: كیف طوبی أصلها فی دار عیسی، و عندكم فی دار محمد، و أغصانها فی كل دار؟

فقال علیه السلام: الشمس قد وصل ضوءها الی كل مكان، و كل موضع و هی فی السماء.

قال: و فی الجنة لا ینفذ طعامها و ان أكلوا منه، و لا ینقص منه شی ء؟

فقال علیه السلام: السراج فی الدنیا یقتبس منه و لا ینقص منه شی ء.

قال: و فی الجنة ظل ممدود؟

فقال علیه السلام: الوقت الذی قبل طلوع الشمس كله ظل ممدود، قوله: (ألم تر الی ربك كیف مد الظل).

قال: ما یؤكل و یشرب فی الجنة لا یكون بولا و لا غایطاً؟

فقال علیه السلام: الجنین فی بطن أمه.

قال: أهل الجنة لهم خدم یأتونهم بما أرادوا بلا أمر؟



[ صفحه 44]



فقال علیه السلام: اذا احتاج الانسان الی شی ء عرفت أعضاؤه ذلك، و یفعلون بمراده من غیر أمر.

قال: مفاتیح الجنة من ذهب أو فضة؟

فقال علیه السلام: مفتاح الجنة لسان العبد لا اله الا الله.

قال: صدقت، و أسلم و الجماعة معه [5] .

6 - سئل عن الیقین؟

فقال علیه السلام: یتوكل علی الله، و یسلم لله، و یرضی بقضاء الله، و یفوض الی الله [6] .

7 - سئل علیه السلام عن معنی الله.

فقال: استولی علی ما دق و جل [7] .

8 - سئل علیه السلام عن رجل قال: و الله لأتصدقن بمال كثیر فما یتصدق؟

فقال علیه السلام: ان كان الذی حلف من أرباب شیاه، فلیتصدق بأربع و ثمانین شاة، و ان كان من أصحاب النعم، فلیتصدق بأربع و ثمانین بعیراً، و ان كان من أرباب الدراهم، فلیتصدق بأربع و ثمانین درهماً، و الدلیل علیه قوله تعالی: (لقد نصركم الله فی مواطن كثیرة) فعددت مواطن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم قبل نزول تلك الآیة فكان أربعة و ثمانین موطناً [8] .

9 - سئل علیه السلام عن رجل نبش قبر میت، و قطع رأس المیت، و أخذ الكفن.

فقال: یقطع ید السارق لأخذ الكفن من وراء الحرز، و یلزم مائة دینار لقطع رأس المیت، لأنا جعلناه بمنزلة الجنین فی بطن أمه قبل أن ینفخ فیه الروح [9] .



[ صفحه 45]



10 - سأله أبوأحمد الخراسانی: الكفر أقدم أم الشرك؟

فقال علیه السلام: ما لك و لهذا، ما عهدی بك تكلم الناس؟

قال: أمرنی هشام بن الحكم أن أسألك.

فقال علیه السلام: قل له: الكفر أقدم، أول من كفر ابلیس (أبی و استكبر و كان من الكفرین) و الكفر شی ء واحد، و الشرك یثبت واحداً و یشرك معه غیره [10] .

11 - قدم علی الرشید رجل من الأنصار یقال له (نفیع) و كان عارفاً، فحضر یوماً باب الرشید و تبعه عبدالعزیز بن عمر بن عبدالعزیز، و حضر موسی بن جعفر علیه السلام علی حمار له، فتلقاه الحاجب بالاكرام، و أعظمه من كان هناك، و عجل له الاذن.

فقال نفیع لعبد العزیز: من هذا الشیخ؟

فقال له: أو ما تعرفه؟! هذا شیخ آل أبی طالب، هذا موسی بن جعفر علیه السلام.

فقال نفیع: ما رأیت أعجب من هؤلاء القوم، یفعلون هذا برجل لو یقدر علی زوالهم عن السریر لفعل، أما ان خرج لأسوأنه.

فقال له عبدالعزیز: لا تفعل، فان هؤلاء أهل بیت قلما تعرض لهم أحد بخطاب الا وسموه فی الجواب و سمة یبقة عارها أبد الدهر.

و خرج موسی فقام الیه نفیع فأخذ بلجام حماره ثم قال له: من أنت؟!

قال: یا هذا ان كنت ترید النسب فأنا ابن محمد حبیب الله بن اسماعیل ذبیح الله بن ابراهیم خلیل الله، و ان كنت ترید البلد، فهو الذی فرض الله جل و عز علیك و علی المسلمین - ان كنت منهم - الحج الیه، و ان كنت ترید المفاخرة، فو الله ما رضی مشركی قومی مسلمی قومك أكفاء لهم حتی قالوا: یا محمد أخرج لنا أكفاءنا من قریش، خل عن الحمار.

فخلی عنه و یده ترعد و انصرف بخزی.



[ صفحه 46]



فقال له عبدالعزیز: ألم أقل لك؟ [11] .

12 - قال الفضل بن الربیع: حج هارون الرشید و ابتدأ بالطواف، و منعت العامة من ذلك لینفرد وحده، فبینما هو فی ذلك اذ ابتدر أعرابی البیت، و جعل یطوف معه.

فقال الحاجب: تنح یا هذا عن وجه الخلیفة.

فانتهره الأعرابی و قال: ان الله ساوی بین الناس فی هذا الموضع، فقال: (سوآء العكف فیه و الباد) فأمر الحاجب بالكف عنه.

فكلما طاف الرشید طاف الأعرابی أمامه، فنهض الی الحجر الأسود لیقبله، سبقه الأعرابی الیه و التثمه، ثم صار الرشید الی المقام لیصلی فیه، فصلی الأعرابی أمامه، فلما فرغ هارون من صلاته استدعی الأعرابی، فقال الحاجب: أجب أمیرالمؤمنین.

فقال: ما لی الیه حاجة فأقوم الیه، بل ان كانت الحاجة له فهو بالقیام الی أولی.

قال: صدق.

فمشی الیه و سلم علیه، فرد علیه السلام، فقال هارون: اجلس یا أعرابی؟

فقال: ما الموضع لی فتستأذنی فیه بالجلوس، و انما هو بیت الله نصبه لعباده، فان أحببت فاجلس، و ان أحببت أن تنصرف فانصرف.

فجلس هارون و قال: ویحك یا أعرابی مثلك من یزاحم الملوك؟!

قال: نعم و فی مستمع.

قال: فانی سائلك، فان عجزت أذیتك.

فقال: سؤالك هذا سؤال متعلم، أو سؤال متعنت؟

قال: بل سؤال متعلم.



[ صفحه 47]



قال: اجلس مكان السائل من المسؤول و سل، و أنت مسؤول.

فقال هارون: ما فرضك؟

قال: ان الفرض رحمك الله واحد، و خمس، و سبع عشرة، و أربع و ثلاثون، و أربع و تسعون، و مائة و ثلاث و خمسون علی سبع عشرة، و من اثنی عشر واحد، و من اربعین واحد، و من مائتین خمس، و من الدهر كله واحد، و واحد بواحد.

قال: فضحك الرشید و قال: ویحك أسألك عن فرضك و أنت تعد علی الحساب؟!

قال: أما علمت أن الدین كله حساب، ولو لم یكن الدین كله حساب لما اتخذ الله للخلائق حساباً، ثم قرأ (و ان كان مثقال حبة من خردل أتینا بها و كفی بنا حسبین).

قال: فبین لی ما قلت و الا أمرت بقتلك بین الصفا و المروة؟

فقال الحاجب: تهبه لله و لهذا المقام.

فضحك الأعرابی من قوله.

فقال الرشید: مما ضحكك یا أعرابی؟

قال: تعجباً منكما، اذ لا أدری من الأجهل منكما، الذی یستوهب أجلاً قد حضر، أو الذی استعجل أجلاً لم یحضر.

فقال الرشید: فسر ما قلت.

قال: أما قولی الفرض واحد: فدین الاسلام كله واحد، و علیه خمس صلوات، و هی سبع عشرة ركعة، و أربع و ثلاثون سجدة، و أربع و تسعون تكبیرة، و مائة و ثلاث و خمسون تسبیحة، و أما قولی من اثنی عشر واحد: فصیام شهر رمضان من اثنی عشر شهر، و أما قولی من الأربعین واحد: فمن ملك أربعین دیناراً أوجب الله علیه دیناراً، و أما قولی من مائتین خمسة: فمن ملك مائتی درهم أوجب الله علیه خمسة دراهم،



[ صفحه 48]



و أما قولی فمن الدهر كله واحد: فحجة الاسلام، و أما قولی واحد بواحد: فمن أهرق دماً من غیر حق، وجب اهراق دمه، قال الله تعالی: (النفس بالنفس). فقال الرشید: لله درك، و أعطاه بدرة.

فقال: فبم استوجبت منك هذه البدرة یا هارون، بالكلام أو بالمسألة؟

قال: بالكلام.

قال: فانی أسألك عن مسألة، فان أتیت بها كانت البدرة لك، تصدق بها فی هذا الموضع الشریف، و ان لم تجبنی عنها أضفت الی البدرة بدرة أخری لأتصدق بها علی فقراء الحی من قومی.

فأمر الرشید بایراد أخری و قال: سل عما بدا لك.

فقال: أخبرنی عن الخنفساء تزق أم ترضع ولدها؟

فحرد هارون و قال: و یحك یا أعرابی من یسأل عن هذه المسألة؟!

فقال: سمعت ممن سمع من رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم یقول: من ولی أقواماً وهب له من العقل كعقولهم، و أنت أمام هذه الأمة، یجب أن لا تسئل عن شی ء من أمر دینك و من الفرائض، الا أجبت عنها، فهل عندك له جواب؟.

قال هارون: رحمك الله لا، فبین لی ما قلته و خذ البدرتین.

فقال: ان الله تعالی لما خلق الأرض خلق دیابات الأرض التی من غیر فرث و لا دم، خلقها من التراب، و جعل رزقها و عیشها منه، فاذا فارق الجنین أمه لم تزقه و لم ترضعه و كان عیشها من التراب.

فقال هارون: و الله ما ابتلی أحد بمثل هذه المسألة، و أخذ الأعرابی البدرتین و خرج، فتبعه الناس و سألوا عن اسمه، فاذا هو موسی بن جعفر صلی الله علیه و آله و سلم، فأخبر هارون بذلك فقال: و الله لقد كان ینبغی أن تكون هذه الورقة من تلك الشجرة [12] .



[ صفحه 49]



13 - ذكر عنده علیه السلام قوم زعموا: أن الله تبارك و تعالی ینزل الی السماء الدنیا.

فقال علیه السلام: ان الله لا ینزل، و لا یحتاج أن ینزل، انما منظره فی القرب و البعد سواء، لم یبعد منه بعید، و لا یقرب منه قریب، و لم یحتج الی شی ء، بل یحتاج الیه كل شی ء، و هو ذو الطول لا اله الا هو العزیز الحكیم.

أما قول الواصفین: انه ینزل، تبارك و تعالی عن ذلك علواً كبیراً، فانما یقول ذلك من ینسبه الی نقص أو زیادة، و كل متحرك یحتاج الی من یحركه، أو یتحرك به، فمن ظن بالله الظنون فقد هلك، فاحذروا فی صفاته من أن تقفوا له علی حد تحدونه بنقص أو زیادة أو تحریك، أو تحرك زوال و استنزال، أو نهوض أو قعود، فان الله جل و عز عن صفة الواصفین، و نعت الناعتین، و توهم المتوهمین [13] .

14 - قال داود بن قبیصة: سمعت الرضا علیه السلام یقول سئل أبی علیه السلام: هل منع الله ما أمر به، و هل نهی عما أراد، و هل أعان علی ما لم یرد؟

فقال علیه السلام: أما ما سألت: هل منع الله عما أمر به؟ فلا یجوز ذلك، ولو جاز ذلك لكان قد منع ابلیس عن السجود، لآدم، ولو منع ابلیس لعذره و لم یلعنه، فلا یجوز ذلك، ولو جاز ذلك لكان حیث نهی آدم عن أكل الشجرة أراد منه أكلها، ولو أراد منه أكلها لما نادی صبیان الكتاتیب: (و عصی ءادم ربه فغوی) و الله تعالی لا یجوز علیه أن یأمر بشی ء و یرید غیره.

و أما ما سألت عنه من قولك: هل أعان علی ما لم یرد؟.

و لا یجوز ذلك، و جل الله تعالی عن أن یعین علی قتل الأنبیاء و تكذیبهم، و قتل الحسین بن علی صلی الله علیه و آله و سلم و الفضلاء من ولده، و كیف یعین علی ما لم یرد؟ و قد أعد جهنم لمخالفیه، و لعنهم علی تكذیبهم لطاعته، و ارتكابهم لمخالفته، ولو جاز أن یعین علی ما لم یرد لكان أعان فرعون علی كفره و ادعائه أنه رب العالمین، أفتری الله أراد من



[ صفحه 50]



فرعون أن یدعی الربوبیة؟ یستتاب قائل هذا القول، فان تاب من كذبه علی الله و الا ضربت عنقه [14] .

15 - حج المهدی، فلما صار فی (فتق العبادی) ضج الناس من العطش، فأمر أن یحفر بئراً، فلما بلغوا قریباً من القرار، هبت علیهم ریح من البئر فوقعت الدلاء و منعت من العمل، فخرجت الفعلة خوفاً علی أنفسهم. فأعطی علی بن یقطین لرجلین عطاءاً كثیراً لیحفراً، فنزلا فأبطئا، ثم خرجا مرعوبین قد ذهبت ألوانهما فسألهما عن الخبر.

فقالا: انا رأینا آثاراً و أثاثاً، و رأینا رجالا و نساء، فكلما أومأنا الی شی ء منهم صار هباءاً، فصار المهدی یسأل عن ذلك و لا یعلمون.

فقال موسی بن جعفر علیه السلام: هؤلاء أصحاب الأحقاف، غضب الله علیهم فساخت بهم دیارهم [15] .

16 - سأله الرشید: لم فضلتم علینا و نحن و أنتم من شجرة واحدة بنو عبدالمطلب، و نحن و أنتم واحد، انا بنوالعباس، و أنتم ولد أبی طالب و هما عما رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، و قرابتهما منه سواء؟

فقال علیه السلام: نحن أقرب.

قال هارون: و كیف ذلك؟

فقال علیه السلام: لأن عبدالله و أباطالب لأب و أم؛ و أبوكم العباس لیس هو من أم عبدالله، و لا من أم أبی طالب.

قال: فلم ادعیتم أنكم ورثتم النبی صلی الله علیه و آله و سلم و العم یحجب ابن العم، و قبض رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم و قد توفی أبوطالب قبله، و العباس عمه حی؟



[ صفحه 51]



فقال علیه السلام: ان رأی أمیرالمؤمنین أن یعفینی عن هذه المسألة، و یسألنی عن كل باب سواه یرید.

قال: لا، أو تجیب.

فقال علیه السلام: فآمنی.

قال: آمنتك قبل الكلام.

فقال: ان فی قول علی بن أبی طالب علیه السلام: انه لیس مع ولد الصلب ذكراً كان أو أنثی لأحد سهم الا الأبوین، و الزوج و الزوجة، و لم یثبت للعم مع ولد الصلب میراث، و لم ینطق به الكتاب العزیز و السنة، الا ان تیماً و عدیاً و بنی أمیة قالوا: العم والد، رأیاً منهم بلا حقیقة و لا أثر عن رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، و من قال بقول علی من العلماء قضایاهم خلاف قضایا هؤلاء، هذا نوح بن دراج یقول فی هذه المسألة بقول علی، و قد حكم به، و قد ولاه أمیرالمؤمنین المصرین - الكوفة و البصرة -، و قضی به.

فأمر باحضار من یقول خلاف قوله، منهم: سفیان الثوری، و ابراهیم المازنی، و الفضیل بن عیاض، فشهدوا أنه قول علی علیه السلام فی هذه المسألة.

فقال لهم: لم لا تفتون و قد قضی نوح بن دراج؟

فقالوا: جسر وجبنا، و قد أمضی أمیرالمؤمنین قضیته بقول قدماء العامة عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم أنه قال: أقضاكم علی، و كذلك عمر بن الخطاب قال: علی أقضانا، و هو اسم جامع، لأن جمیع ما مدح به النبی صلی الله علیه و آله و سلم أصحابه من القرابة، و الفرائض، و العلم، داخل فی القضاء.

قال: زدنی یا موسی.

فقال علیه السلام: المجالس بالأمانات و خاصة مجلسك.

قال: لا بأس به.

فقال علیه السلام: ان النبی صلی الله علیه و آله و سلم لم یورث من لم یهاجر، و لا أثبت له ولایة حتی یهاجر.



[ صفحه 52]



قال: ما حجتك فیه؟!

فقال علیه السلام: قول الله تبارك و تعالی: (و الذین ءامنوا و لم یهاجروا ما لكم من ولیتهم من شی ء حتی یهاجروا) و ان عمی العباس لم یهاجر.

قال: انی أسألك یا موسی هل أفتیت بذلك أحداً من أعدائنا، أو أخبرت أحداً من الفقهاء فی هذه المسألة بشی ء؟

فقال علیه السلام: اللهم لا، و ما سألنی عنها الا أمیرالمؤمنین [16] .

17 - قال علی بن یقطین: سأل المهدی أباالحسن علیه السلام عن الخمر، هل هی محرمة فی كتاب الله عزوجل، فان الناس انما یعرفون النهی عنها و لا یعرفون التحریم؟

فقال له أبوالحسن: بل هی محرمة فی كتاب الله عزوجل یا أمیرالمؤمنین.

قال: فی أی موضع هی محرمة فی كتاب الله عزوجل یا أباالحسن؟

فقال علیه السلام: قول الله عزوجل: (انما حرم ربی الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و الاثم و البغی بغیر الحق).

فأما قوله: (ما ظهر منها) یعنی: الزنا المعلن، و نصب الرایات التی كانت ترفعها الفواحش فی الجاهلیة.

و أما قوله عزوجل: (و ما بطن) یعنی: ما نكح الآباء، لأن الناس كانوا قبل أن یبعث النبی صلی الله علیه و آله و سلم اذا كان للرجل زوجة و مات عنها تزوجها ابنه من بعده اذا لم تكن أمه، فحرم الله عزوجل ذلك.

و أما (و الاثم): فانها الخمرة بعینها، و قد قال الله تبارك و تعالی فی موضع آخر: (یسئلونك عن الخمر و المیسر قل فیهمآ اثم كبیر) فأما الاثم فی كتاب الله فهو الخمر و المیسر، و اثمهما كبیر كما قال عزوجل.

فقال المهدی: یا علی بن یقطین هذه و الله فتوی هاشمیة.



[ صفحه 53]



قال: فقلت له: صدقت و الله یا أمیرالمؤمنین، الحمد لله الذی لم یخرج هذا العلم منكم أهل البیت.

قال: فو الله ما صبر المهدی أن قال لی: صدقت یا رافضی [17] .

18 - قال محمد بن أبی عمیر: دخلت علی سیدی موسی بن جعفر علیه السلام فقلت له: یا ابن رسول الله علمنی التوحید.

فقال: یا أباأحمد لا تتجاوز فی التوحید ما ذكره الله تعالی ذكره فی كتابه فتهلك، و اعلم أن الله تعالی واحد أحد صمد، لم یلد فیورث، و لم یولد فیشارك، و لم یتخذ صاحبة و لا ولداً و لا شریكاً، و انه الحی الذی لا یموت، و القادر الذی لا یعجز، و القاهر الذی لا یغلب، و الحلیم الذی لا یعجل، و الدائم الذی لا یبید، و الباقی الذی لا یفنی، و الثابت الذی لا یزول، و الغنی الذی لا یفتقر، و العزیز الذی لا یذل، و العالم الذی لا یجهل، و العدل الذی لا یجور، و الجواد الذی لا یبخل، و انه لا تقدره العقول، و لا تقع علیه الأوهام، و لا تحیط به الأقطار، و لا یحویه مكان، و لا تدركه الأبصار و هو اللطیف الخبیر، و لیس كمثله شی ء و هو السمیع البصیر (ما یكون من نجوی ثلثة الا هو رابعهم و لا خمسة الا هو سادسهم و لآ أدنی من ذلك و لآ أكثر الا هو معهم أین ما كانوا) و هو الأول الذی لا شی ء قبله، و الآخر الذی لا شی ء بعده، و هو القدیم و ما سواه مخلوق محدث، تعالی عن صفات المخلوقین علواً كبیراً [18] .



[ صفحه 54]




[1] أعيان الشيعة 4 ق 3 / 38.

[2] أعيان الشيعة 4 ق 3 / 49.

[3] الارشاد 318.

[4] المناقب 2 / 373.

[5] المناقب 2 / 374.

[6] تحف العقول 301.

[7] أصول الكافي 1 / 115.

[8] بحارالأنوار 11 / 353.

[9] بحارالأنوار 11 / 253.

[10] بحارالأنوار 17 / 203.

[11] بحارالأنوار 17 / 206.

[12] بحارالأنوار 11 / 275.

[13] الاحتجاج 2 / 156.

[14] الاحتجاج 2 / 158.

[15] المناقب 2 / 373.

[16] الاحتجاج 2 / 163.

[17] بحارالأنوار 11 / 277.

[18] التوحيد 77.