کد مطلب:250259 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:349

اجوبته
تمیزت ظروف الامام أبی جعفر علیه السلام بممیزات كثیرة، أهمها: صغر سنه، فقد قام بالامامة و هو ابن ثمان سنین، فكان موضوع عمره الشریف مجالا للتساؤل و مدعاة للاختبار، حتی سئل فی مجلس واحد عن ثلاثین ألف مسألة [1] .



[ صفحه 184]



كما أن منزلته عند المأمون، و حفاوته به، جعلت العباسیین یغرون یحیی بن أكثم - قاضی القضاة- علی أن یسأله بمسائل صعبة 7 لعله یعجز عن الاجابة عنها فیهبط فی عین المأمون.

و قد أوقفناك فی الفصل السابق - مناظراته - علی بعض تلك الأسئلة، و نقدم الآن مجموعة أخری، و هی ان دلت علی شی ء فانما تدل علی امامته علیه السلام، و أنه الوارث لآبائه علیهم السلام علما و فهما، و أن لا دخل لصغر السن فی المواهب الالهیة، فقد اختار سبحانه و تعالی عیسی علیه السلام للنبوة و هو فی دور الطفولة (فأتت به قومها تحمله قالوا



[ صفحه 185]



یا مریم لقد جئت شیئا فریا یا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء و ما كانت أمك بغیا فأشارت الیه قالوا كیف نكلم من كان فی المهد صبیا قال انی عبدالله ءاتانی الكتاب و جعلنی نبیا) [مریم: 30 -72]و أعطی سبحانه یحیی بن زكریا الحكم صبیا (و ءاتینه الحكم صبیا) [مریم: 12].

نسجل بعض ما ورد من أجوبته علیه السلام:

1- لما مضی الرضا علیه السلام، جاء محمد بن جمهور القمی، والحسن بن راشد، و علی بن مدرك، و علی بن مهزیار، و خلق كثیر من سائر البلدان الی المدینة، و سألوا عن الخلف بعد الرضا، فقالوا: بصریا؛ و هی قریة أسسها موسی بن جعفر علیه السلام علی ثلاثة أمیال من المدینة -.

قالوا: فجئنا و دخلنا القصر، فاذا الناس فیه متكابسون، فجلسنا معهم، اذ خرج علینا عبدالله بن موسی و هو شیخ، فقال الناس: هذا صاحبنا. فقال الفقهاء: قد روینا عن أبی جعفر و أبی عبدالله علیه السلام أنه لا تجتمع الامامة فی أخوین بعد الحسن والحسین، فلیس هذا صاحبنا.

فجاء حتی جلس فی صدر المجلس، فقال رجل: ما تقول أعزك الله فی رجل أتی حمارة؟

فقال: تقطع یده، و یضرب الحد، و ینفی من الأرض.

ثم قام الیه آخر فقال: ما تقول أجلك الله فی رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء؟

فقال: بانت منه بصدر الجوزاء، والنسر الطائر، و النسر الواقع.

فتحیرنا فی جرأته علی الخطأ، اذ خرج علینا أبوجعفر، و هو ابن ثمان سنین، فقمنا الیه، فسلم علی الناس و قام عبدالله بن موسی من مجلسه فجلس بین یدیه، و جلس أبوجعفر فی صدر المجلس، ثم قال: سلوا رحمكم الله.

فقام الیه الرجل الأول و قال: ما تقول أصلحك الله فی رجل أتی حمارة؟

قال: یضرب دون الحد، و یغرم ثمنها، و یحرم ظهرها و نتاجها، و تخرج الی



[ صفحه 186]



البریة حتی تأتی منیتها علیها، سبع أكلها، ذئب أكلها.

ثم قال علیه السلام فی رد جواب عبدالله بن موسی: یا هذا ذاك الرجل ینبش عن میتة، فیسرق كفنها، و یفجر بها، یوجب علیه القطع بالسرقة، و الحد بالزنا، و النفی ان كان عزبا، فلو كان محصنا لوجب علیه القتل و الرجم.

فقال الرجل الثانی: یا ابن رسول الله ما تقول فی رجل طلق زوجته عدد نجوم السماء؟

قال: تقر. القرآن؟

قال: نعم.

قال: اقرأ سورة الطلاق الی قوله (و أقیموا الشهادة لله) یا هذا لا طلاق الا بخمس: شهادة شاهدین عدلین، فی طهر من غیر جماع، بارادة و عزم.

ثم قال بعد كلام: یا هذا هل تری فی القرآن عدد نجوم السماء؟

قال: لا [2] .

2- قال أحمد بن أبی دواد - قاضی القضاة فی عهد المعتصم - ان سارقا أقر علی نفسه، و سأل الخلیفة تطهیره باقامة الحد علیه، فجمع لذلك الفقهاء، و أحضر محمد بن علی، فسألنا عن القطع فی أی موضع یجب.

فقلت: الكرسوع - و هو طرف الزند الناتی ء مما یلی الخنصر -

فقال: و ما الحجة فی ذلك؟

فقلت: لأن الید هی الأصابع، و الكف الی الكرسوع، یقول الله تعالی فی التیمم: (فامسحوا بوجوهكم و أیدیكم) واتفق معی علی ذلك قوم، و قال آخرون: بل یجب القطع من المرفق، لأن الله تعالی لما قال: (و أیدیكم الی المرافق) دل علی أن حد الید هو المرفق.

فالتفت الی محمد بن علی فقال: ما تقول فی هذا یا أباجعفر.



[ صفحه 187]



فقال: قد تكلم القوم فیه یا أمیرالمؤمنین.

قال: دعنی مما تكلموا به، أی شی ء عندك؟

قال: اعفنی من هذا.

قال: أقسمت علیك بالله لما أخبرت بما عندك فیه.

فقال: أما اذا أقسمت علی بالله، فانی أقول انهم أخطأوا فیه السنة، فان القطع یجب أن یكون عن مفصل أصول الأصابع، فیترك الكف.

قال: و ما الحجة فی ذلك؟

قال: قول رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم: «السجود علی سبعة أعضاء: الوجه، و الیدین، و الركبتین، و الرجلین» فاذا قطعت یده من الكرسوع، أو المرفق، لم یبق له ید یسجد علیها. و قال الله تعالی: (و أن المساجد لله) یعنی به هذه الأعضاء السبعة التی یسجد علیها، و ما كان الله لم یقطع.

فأعجب المعتصم بذلك، و أمر بقطع ید السارق من مفصل الأصابع دون الكف [3] .

3- قال عبدالعظیم الحسنی رضی الله عنه: قلت لمحمد بن علی بن موسی علیهم السلام: یا مولای انی لأرجو أن تكون القائم من أهل بیت محمد صلی الله علیه و آله و سلم، الذی یملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا.

فقال علیه السلام: ما منا الا قائم بأمر الله، و هاد الی دین الله، ولكن القائم الذی یطهر الله به الأرض من الكفر و الجحود، و یملأ الأرض قسطا و عدلا، هو الذی یخفی علی الناس ولادته، و یغیب عنهم شخصه، و یحرم علیهم تسمیته، و هو سمی رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم و كنیه، و هو الذی تطوی له الأرض، و یذل له كل صعب، یجتمع الیه من أصحابه عدة أهل بدر، ثلثمائة و ثلاثة عشر رجلا، من أقاصی الأرض، و ذلك قول الله: (أین ما تكونوا یأت بكم الله جمیعا ان الله علی كل شی ء قدیر) فاذا اجتمعت له



[ صفحه 188]



هذه العدة من أهل الاخلاص أظهر الله أمره، فاذا كمل له العقد و هو عشرة آلاف رجل خرج باذن الله، فلا یزال یقتل أعداء الله حتی یرضی عزوجل... [4] .

4- قال عمر بن فرج الرخجی: قلت لأبی جعفر: ان شیعتك تدعی أنك تعلم كل ماء فی دجلة و وزنه، و كنا علی شاطی ء دجلة.

فقال علیه السلام لی: یقدر الله تعالی أن یفوض علم ذلك الی بعوضة من خلقه أم لا؟

قلت: نعم.

فقال علیه السلام: أنا أكرم علی الله من بعوضة و من أكثر خلقه [5] .

5- قال جعفر بن محمد بن مزید: كنت ببغداد فقال لی محمد بن مندة: هل لك أن أدخلك علی محمد بن علی الرضا رضی الله عنه؟

فقلت: نعم.

فأدخلنی علیه، فسلمنا و جلسنا.

فقال له: حدیث رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم «ان فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذریتها علی النار».

قال: خاص للحسن و الحسین رضی الله عنهما [6] .

6- قال أحمد بن الفضل الخاقانی: قطع الطریق بجلولا علی السابلة من الحجاج و غیرهم، و أفلت القطاع، و طلبهم العام حتی ظفر به، ثم كتب بذلك الی المعتصم فجمع الفقهاء و ابن أبی دواد، ثم سأل الآخرین عن الحكم فیهم، و أبوجعفر بن علی الرضا حاضر.

فقالوا: قد سبق حكم الله فیهم فی قوله: (انما جزاؤا الذین یحاربون الله و رسوله



[ صفحه 189]



و یسعون فی الارض فسادا أن یقتلوا أو یصلبوا أو تقطع أیدیهم و أرجلهم من خلاف أو ینفوا من الارض) و لأمیرالمؤمنین أن یحكم بأی ذلك شاء.

فالتفت الی أبی جعفر و قال: أخبرنی بما عندك؟

قال: انهم قد أضلوا فیما أفتوا به، والذی یجب فی ذلك: أن ینظر أمیرالمؤمنین فی هؤلاء الذین قطعوا الطریق، فان كانوا أخافوا السبیل فقط و لم یقتلوا أحدا و لم یأخذوا مالا، أمر بایداعهم الحبس، فان ذلك معنی نفیهم من الأرض باخافتهم السبیل، و ان كانوا أخافوا السبیل و قتلوا النفس، أمر بقتلهم، و ان كانوا أخافوا السبیل، و قتلوا النفس، و أخذوا المال، أمر بقطع أیدیهم و أرجلهم من خلاف، و صلبهم بعد ذلك.

فكتب الی العامل بأن یمتثل ذلك فیهم [7] .

7- قال أبوخداش المهدی سألته: أم ولد لی أرضعت جاریة بالغة بلبن ابنی أیحرم علی نكاحها؟

فقال: لارضاع بعد فطام.

قلت: الصلاة فی الحرمین؟

قال: ان شئت أتمم، و ان شئت قصر، و كان أبی علیه السلام یتم.

ثم قلت: الخصی یدخل علی النساء؟

فحول وجهه، ثم استدنانی و قال: و ما نقص منه الا الخناثة الواقعد علیه [8] .

8- سأله أبوهاشم الجعفری: ما معنی الواحد؟

فقال علیه السلام: الذی اجتماع الألسن علیه بالتوحید كما قال الله عزوجل: (و لئن سألتهم من خلق السموات و الأرض لیقولن الله) [9] .



[ صفحه 190]



9- سأله أبوهاشم الجعفری عن قوله تعالی: (لا تدركه الأبصار و هو یدرك الأبصار).

فقال علیه السلام: یا أباهاشم أوهام القلوب أدق من أبصار العیون، فأنت قد تدرك بوهمك السند و الهند، و البلدان التی لم تدخلها و لا تدركها ببصرك، فأوهام القلوب لا تدركه فكیف أبصار العیون؟! [10] .



[ صفحه 191]




[1] أصول الكافي 496 / 1. المناقب 430 / 2. اثبات الهداة 175 / 6. بحارالأنوار 120 / 12. الدمعة الساكبة 113 / 3. جلاء العيون 106 / 3. صحيفة الابرار 300 / 2. الأنوار البهية 130. المجالس السنية 423 / 5. وفاة الامام الجواد 58.

و قد يستغرب القاري ء هذا مع أنه تواتر به النقل، و رواه العلماء في كتبهم، و اذا كان نصيرالدين الطوسي - جاء في روضات الجنات ص 510 - يجيب تلميذه - نجم الدين علي بن عمر - صاحب متن الشمسية و كتابي حكمة العين و جامع الدقائق و غيرها - و هو في معركة القتال، واضعا احدي رجليه علي الركاب و الاخري علي الأرض عن أربعمائة مسألة من المعضلات و المشكلات الكلامية فأجاب عنها جميعا.

فليس هذا بكثير علي الامام أبي جعفر عليه السلام و هو الوارث لآبائه عليهم السلام علما و فهما.

و يمكن أن يقال في تعليل ذلك: و هو تشقق بعض هذه المسائل و تفرعها، حتي عدت المسألة الوحدة بعدة مسائل. فلو نظرنا الي مناظرته عليه السلام مع يحيي بن أكثم، لوجدناها تفرعت عن مسائل كثيرة، فقد شقق مسألة المحرم اذ قتل صيدا الي فروع كثيرة، كما فعل عليه السلام بالمسألة الثانية، فيمكن أن تكون المسائل التي سئل عنها عليه السلام من هذا القبيل، كما يمكن أن تكون اجابته عليه السلام عن بعض المسائل ب (نعم) أو (لا).

و قال الشيخ المجلسي عليه الرحمة في بحارالأنوار 122 / 12 و يمكن الجواب بوجوه:

الأول: ان الكلام محمول علي المبالغة في كثرة الاسئلة والاجوبة، فان عد مثل ذلك مستبعد جدا.

الثاني: يمكن أن يكون في خواطر القوم أسئلة كثيرة متفقة، فلما أجاب عن واحد فقد أجاب عن الجميع.

الثالث: أن يكون اشارة الي كثرة ما يستنبط من كلماته الموجزة، المشتملة علي الاحكام الكثيرة، و هذا وجه قريب.

الرابع: أن يكون المراد بوحدة المجلس الوحدة النوعية، أو مكان واحد كمني، و ان كان في أيام متعددة.

و قال محمدتقي حججة الاسلام في كتابه صحيفة الابرار 300 / 2:

ان من الاسئلة ما لا يبلغ مع جوابه نصف بيت، بل و عشرين حرفا، كان يسأل ما قاف؟

فيقول: جبل محيط بالدنيا.

و يسأل: ما صاد؟

فيقول: عين تحت العرش.

و يسأل: ما الاسم؟

يقول: صفة الموصوف.

و يسأل: هل يجوز المسح علي الخفين؟

فيقول: لا.

و يسأل: كم التكبير علي الميت؟

فيقول: خمس.

و يسأل: هل تجب السورة في الصلاة؟

فيقول: نعم.

و هكذا، و علي هذا فيمكن أن لا يزيد السؤال مع الجواب علي ختم واحد للقرآن، و قد جرب أن جزءا واحدا منه اذا قرأ بالتأني لايزيد علي عشرين دقيقة، فيمكن ختم القرآن في عشر ساعات.

[2] بحارالأنوار 119 / 12.

[3] أعيان الشيعة 4 ق 3 / 350.

[4] الاحتجاج 2 / 250.

[5] بحارالأنوار 12 / 124.

[6] الأئمة الاثنا عشر لابن طولون 104.

[7] وسائل الشيعة 18 / 536.

[8] اثبات الوصية 182.

[9] التوحيد 83.

[10] التوحيد 113.