کد مطلب:280389 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:283

التحذیرات
تذكر التوراة أن موسی علیه السلام بعد أن أقام حجته أشهد الله تعالی علی بنی إسرائیل، وأخبر بالغیب عن ربه أن المسیرة من بعده ستختلف وستفترق وسترتكب جرائم تستحق علیها لعنة الله، تقول التوراة أمر موسی اللاویین حاملی عهد الرب قائلا: خذوا كتاب التوراة هذا وضعوه بجانب تابوت عهد الرب هناك شاهد علیكم، لأنی أنا عارف تمردكم ورقابكم الصلبة. هوذا وأنا معكم الیوم قد صرتم تقاومون الرب. فكم بالحری بعد موتی. اجمعوا إلی كل شیوخ أسباطكم وعرفاءكم. لأنطق فی مسامعهم بهذه الكلمات وأشهد علیهم السماء والأرض. لأنی عارف إنكم بعد موتی تفسدون وتزیغون عن الطریق الذی أوصیتكم به. ویصیبكم الشر فی آخر الأیام لأنكم تعملون الشر أمام الرب. [1] .

وفی هذا البیان إشارة إلی انقلاب القوم علی الخط الرسالی الذی یقوده أبناء هارون، فبعد موت موسی علیه السلام یبدأ الفساد ویزیغون عن الطریق الذی أوصاهم به، وهذا یستوجب أن یصیبهم الشر فی آخر الأیام، لأن الوتد الذی تم دقه عند البدایة لم یبلیه الزمان وأصبح له جذور عند النهایة..

وتذكر التوراة أن موسی علیه السلام ذكرهم فی هذا الیوم بالله الذی خلقهم واستخلفهم. وذكرهم بأیام الله وكیف یأخذ الله الأمم



[ صفحه 52]



الظالمة. [2] وتذكر التوراة تحذیرات نطق بها موسی علیه السلام علی مسامع القوم. منها لا تصنعوا لكم أوثانا ولا تقیموا لكم تمثالا منحوتا أو نصبا ولا تجعلوا فی أرضكم مصورا لتسجدوا له. [3] إن لم تسمع لصوت الرب إلهك لتحرص أن تعمل بجمیع وصایاه وفرائضه التی أنا أوصیك بها الیوم، تأتی علیك جمیع هذه اللعنات وتدركك، ملعونا تكون فی المدینة. ملعونا تكون فی الحقل.. ملعونا تكون فی دخولك ملعونا تكون فی خروجك، ویرسل الرب علیك اللعنة والاضطراب والزجر فی كل ها تمتد إلیه یدك لتعمله.. یضربك الرب بجنون وعمی وحیرة قلب فتتلمس فی الظهر كما یتلمس الأعمی فی الظلام.. تأتی علیك جمیع هذه اللعنات وتتبعك وتدركك حتی تهلك.. فتكون فیك آیة وأعجوبة وفی نسلك إلی الأبد. [4] إن لم تسمعوا لی ولم تعملوا كل هذه الوصایا وإن رفضتم فرائضی. وكرهت أنفسكم أحكامی فما عملتم كل وصایای بل نكثتم میثاقی. فإنی أعمل هذه بكم: أسلط علیكم رعیا وسلا وحمی تفنی العین وتتلف النفس وتزرعون باطلا زرعكم فیأكله أعداؤكم واجعل وجهی ضدكم فتنهزمون أمام أعدائكم ویتسلط علیكم مبغضوكم وتهربون ولیس من یطردكم. [5] .

وبالجملة: انطلقت المسیرة الإسرائیلیة تحت مظلة الامتحان لینظر الله إلیهم كیف یعملون، بعد أن أخذ علیهم سبحانه العهود بأن یسمعوا ویطیعوا. وحذرهم من عواقب الكفر والانحراف، ومما ذكرته التوراة قوله لهم أنظر. أنا واضع أمامكم الیوم بركة ولعنة. البركة إذا سمعتم لوصایا الرب إلهكم التی أنا أوصیكم بها الیوم، واللعنة إذا لم تسمعوا



[ صفحه 53]



لوصایا إلهكم وزغتم عن الطریق التی أنا أوصیكم بها الیوم لتذهبوا وراء آلهة أخری لم تعرفوها. [6] .

والقرآن الكریم أشار إلی الحكمة التی من وراء استخلاف بنی إسرائیل فی الأرض. فقال له (عسی ربكم أن یهلك عدوكم ویستخلفكم فی الأرض فینظر كیف تعملون) [7] وأشار إلی العهود التی أخذها الله علیهم ومنها أن لا یقولوا علی الله إلا الحق [8] وأن یذكروا ما فی الكتاب لعلهم یتقون [9] وأن یوفوا بعهده [10] وأن یذكروا نعمته علیهم وتفضیله لهم فی قیادة المسیرة [11] وحذرهم من الكفر بآیات الله ومن قتل النفس التی حرم الله إلا بالحق، وقال تعالی: (وإذ أخذنا میثاق بنی إسرائیل لا تعبدون إلا الله وبالوالدین إحسانا وذوی القربی والیتامی والمساكین وقولوا للناس حسنا وأقیموا الصلاة وأتوا الزكاة)، [12] وقد بدأت الآیة بقوله (لا تعبدون إلا الله) وختمت بقوله (وقولوا للناس حسنا) الآیة.

وبین البدایة والخاتمة كان للمسیرة وجوه، فعبدوا غیر الله وأضاعوا حقوق القربی وعلی رأسهم قربی موسی علیه السلام، وأضاعوا حقوق الیتامی والمساكین وأفسدوا فی الأرض، وأضاعوا الصلاة والزكاة واتبعوا الشهوات، وكل هذا شهد به الكتاب المقدس والقرآن الكریم وحركة التاریخ.



[ صفحه 54]




[1] التثنية 31 / 24 - 28.

[2] المصدر السابق إصحاح 32.

[3] اللاويين 26 / 1.

[4] التثنية 28 / 15، 28، 46.

[5] اللاويين 26 / 17.

[6] التثنية 11 / 26 - 29.

[7] سورة الأعراف آية 129.

[8] سورة الأعراف آية 169.

[9] سورة البقرة آية 63.

[10] سورة البقرة آية 40.

[11] سورة البقر ة آية 47.

[12] سورة البقرة آية 83.