کد مطلب:353459 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:458

مراجعات
د. حسن بن فرحان المالكی صحیفة الریاض - ربیع الاول - 1418 ه یـحـسـن بالباحث او من یتشبه بالباحثین ان یراجع نفسه من وقت لاخر، ینظرماذا قال اقـوالـه، ویـتـهـم بـحـوثـه وجهوده السابقة، ویعید التاكد من المعلومات والـدراسـات والادلـة الـجـدیدة التی لم تكن متوفرة یومئذ، یفعل كل هذا من اجل الحقیقة لیحمیها ویطورها ویهذبها ویزیل عنها عوالق الهوی، وشطحات الخصومة (ولوازم التعصب) وفقر الادلة، كل هذا- واكثر - یجب ان یتوفر فی طالب العلم وفی الباحث بوجه ادق.

نظرة علی مراجعات السلف وقـد كـان عـلماء السلف الصالح رحمهم اللّه یرجعون الی الحق وقد یتعصب بعضهم ایضا، لكن یهمنا رؤوس الـسـلـف امـثال الشافعی والامام احمد، فالامام احمد مثلا تجد له فی المسالة الواحدة ثلاثة اقـوال او اربـعة او نحو ذلك فما سبب تعدد اقواله اظن القارئ یعرف ان الامام رحمه اللّه یقول فی الـمسالة بقول بناءعلی دلیل وصله او فهم لدلیل ثم تبین له دلیل اقوی او عرف ان فهمه السابق غیر صـحیح او علم ناسخا لدلیله الصحیح او مخصصا لدلیله العام او نحوه هذا،فلذلك یرجع بسهولة الی الـحـق ولا یـبالی بكثرة الاتباع الذین قد یوجد فیهم من یمتعض ویستنكر هذا الفعل الامـام احـمد انما یتهمه خصومه بالتناقض او الجهل بـخـصـومه الذین یتخذون تعدد الاقوال دلیلا علی تناقض الرجل تـعـدد الاقـوال كان نتیجة لتبین الادلة القویة واتباعها وهذا لیس دلیلا علی العلم فقط بل هو العلم نـفسه فـی بـعـض اتـبـاعـه ویمتعضوا من ذلك ویفرح به بعض خصومه لیس فرحا بالحق بالشافعی واصحابه او رفض دلیل ظهر.

نظرة الی الواقع الیوم وكـنـت اتامل هذین المثالین واشباههما واقارن هذا مع احوال طلبة العلم الیوم فرایت عجبا احـمد لا تكاد تجد له مسالة لیس له فیها اكثر من قول نتیجة لما ذكرناه سابقا لكن اصغر طالب علم فـی یـومـنا هذا لا یمكن ان یرجع الی الحق ولو وجد الادلة القویة علی بطلان ما ذهب الیه اولا وكان العودة الی الحق عار و جریمة تستحق الهجران والاطراح فـتـشوا بانفسكم وحاولوا ان تعدوا طلبة العلم الذین رجعوا الی الحق فی مسالة او اكثر علی كثرتهم عشرة خـذوا عـلی سبیل المثال: (اصحاب الرسائل الجامعیه) اعـلـن رجـوعـه عـن خطا وقع فیه صححها او قبول آراء مرجوحة... الخ.

كما ارجو الا یفهم القارئ من كلامی هذا ان جمیع الرسائل الجامعیة ضعیفة فهذالم اقله ولن استطیع ان اقـولـه لـكـن لـو اخـذنا نموذجا علی تلك الرسائل ولتكن (الرسائل الجامعیة) المتخصصة فی (الـتـاریـخ الاسـلامی) نجد انها علی اقسام ایضامنها القوی والضعیف فهذا الضعیف من الرسائل لن تـسـتـطـیـع اقناع اصحابهابالتخلی عن اخطائها خفیة فكیف تقنعهم بنشر هذه الاخطاء والرجوع الی ضدها عبر وسائل الاعلام من المسؤول وهـذا الاصرار علی التشبث بالاخطاء له اسباب عدیدة ومتنوعة ومتداخلة وعمیقة، تتعلق بطریقة تـكویننا الثقافی، والنمط الفكری المتبع، وفی ظنی ان هؤلاء الاخوة الذین لا یرجعون عن اخطائهم لـیـسوا وحدهم المذنبین، بل لعل الذنب الاكبر یقع علی طریقة التعلیم التی اتبعناها الـتی لم تعلمناولم تحبب الینا الرجوع عن الباطل الـتعصب للاقوال والموا قف، ولا یجد الطالب خلال دراسته الطویلة درسایحبب الیه الرجوع الی الـحـق، ولـعـل الطالب لم یجد كذلك استاذا یزرع فیه هذه الفضیلة ولن یستطیع الاستاذ ان یزرع الفضیلة الا اذا طبقها علی نفسه تجد الطالب مقتنعابالنظریة اذن فالاخوة الذین لم یؤثر عنهم رجوع عن باطل، لیسوا وحدهم المسؤلین عن هذا المرض العلمی، كـمـا انـهم ایضا محاسبون علی تقلیدهم الاعمی للنمطالفكری المتبع مع ترك الادلة والبراهین مع علمهم علی ان الصواب هو فی اتباع الدلیل.

ثـم ان الـواحد منهم لو اراد الرجوع الی الحق فسیجد صعوبة كبیرة اذا اكتشف خطاه فی مسالة او عرف انه قد بالغ فی اخری او وجد زیادة علم وتاتی هذه الصعوبة من جهتین: اسباب التعصب للاخطاء الجهة الاولی: النفس فـالـنـفـس صعبة الانقیاد للحق وتتبع الهوی، والباحث سیجد نفسه تحبب له المسیر فی هذا الخطا وتحذره من عواقب الرجوع الی الحق وتزین له قبح الباطل بثیاب حق زاهیة الالوان نفسه علی اتباع الدلیل فلن یجد عندهاسیرا نحوه.

الجهة الثانیة: الناس الـناس لا یرحمون الراجع الی الحق سواء كان هؤلاء الناس من المؤیدین اوالمعارضین الـرجل عن خطا وقع فیه ثم بین رجوعه الی الحق تجد(المؤیدین) و(المعارضین) علی حد سواء یعتبرون هذا التراجع بمثابة (احتراق)لهذا الرجل وبعضهم یعده (انتحارا) لا حیاة بعده وكـان اللّه عزوجل قد خلقنا معصومین لا نخطی ء بـرجـوعه الی الحق لان هؤلاء (المؤیدین) من جنس المجتمع الذی لا یشجع الراجع الی الحق ولا یشكره بل یعتبر رجوعه الی الحق منقصة وعیبا وجهلا ذریعا فضیلة العودة الی الحق وانما تعلموا الاصرار علی الباطل ومواصلة المسیر فی اودیة الجهالة كما ان (المعارضین) یفرحون باعتراف خصمهم وفرحهم هذا لیس فرحا بالحق نفسه بما یظنونه من سقوط للخصم وانتحارا و... الخ لكن الباحث الذی نذر نفسه لهذه الحقیقة لا یهمه امتعاض المؤیدین ولاتشفی المعارضین الحقیقة فقط ولابد ان یجد فی سبیلها الفتك والاذی سواءعند اكتشاف الجدید او الرجوع عن قدیم هذه اخطائی قـد یـقـول لی بعض القراء انت تضرب امثله نظریة جمیلة من الرجوع الی الحق بینما لم نرك یوما ترجع الی حق ولا تتبرا من باطل فهل انت استثناء من هذه القواعد والنظریات التی توصی بها اقـول: اذا كـانـت هذه هی وجهة نظر بعض القراء فاننی ارید تصحیحها اولا ثم الاعتراف، ببعض الاخطاء التی وقعت فیها.

اما تصحیحها: فاننی سبق وان اعترفت ببعض الاخطاء ورجعت عنها واعلنتهافی المقالات نفسها ولو یرجع الاخ القارئ الی المقالات لوجد بدایات بعضهااعترافات صریحة بالاخطاء التی وقعت فیها فی مـقـالات سـابقة بینما الاخوة الذین اختلفت معهم لم یعترف احد منهم بخطا الی الان الاخوة الذین تحاورت معهم (منذ بدایة كتاباتی قبل نحو سبع سنوات) اكثر من خمسة وعشرین لم اجـد احـدا مـنـهـم الی الان اعترف بخطا واحد مـلاحـظـة الـقـارئ باننی لا ابری ء نفسی من تاثیرالنمط الفكری السائد علی وعلی المواقف التی اتخذها، فالنمط السائد قد یؤثر فی الشخص من حیث لا یدری فیجد نفسه حاملا التعصب والتحامل وهو یظن انه قد نجا منها الاخطاء ولا تعلمنا كیف نتخلص منها ثـانـیـا: ساحاول فی هذه الحلقة ان اطبق النظریات السابقة علی نفسی فاعترف ببعض الاخطاء التی وقـعـت فـیـها ولم یعرفها الاخوة الذین ردوا علی ینتظر ردا فلم یجد من الاخطاء التی احب الاعتراف بها هنا مایلی: 1 - المقالات التی كان عنوانها (كیف یضحك علینا هؤلاء الاولـی: خـطا لغوی فلا تستخدم عبارة (یضحك علیه..) بمعنی الخداع وصواب العبارة لغویا هو (كیف یخدعنا هؤلاء الثانیة: ان هذا العنوان فیه قسوة لا تلیق ولو اكتفیت بقولی (نقد الدراسات التاریخیة) لكان افضل.

الثالثة: ان بعض هذه الرسائل التی انتقدتها فی موضوع (بیعة علی) كانت جیدة من حیث الجملة حتی وان اصـابـها بعض القصور فی موضوع (البیعة) ولعل من تلك الرسائل القویة رسالة الدكتور یحیی الیحیی عن (ابی مخنف) وكذلك رسالة الدمیجی عن (الامامة العظمی).

2 - ومـن الاخطاء ایضا اننی قلت باننی ان وجدت احدا ترجم للقعقاع بن عمرو غیر سیف بن عمر فانا راجع لیس الی اثبات القعقاع فقط وانما الی توثیق سیف بن عمر وجعله فی مرتبة البخاری اقول: وقولی السابق كان فی استحثاث الهمم لكنه قول غیرعلمی البتة غـیـری - ان اوثـق سیف بن عمر علی افتراض وجودترجمة للقعقاع او خبر من غیر طریقه بل لـیس من حقی اثبات القعقاع بن عمروان اخبر به كذاب غیر سیف اللهم الا اذا كان هذا الكذاب قبل سیف بن عمرفلهذا انا راجع عن قولی السابق وسیف یبقی عندی كذابا حتی لو وجدناللقعقاع ترجمة مطولة عن غیر طریق سیف 3 - ایضا كنت قد ذ كرت ان شخصیات اخری قد اختلقها سیف بن عمروسمیت منها بعض الاسماء لكن عن غیر بحث موسع فهذه ارجی ء الحكم علیهاللبحث فی المستقبل بعكس القعقاع بن عمرو فانا جازم بما قلت عنه خاصة بعدورود الردود التی لم تزدنی، الا یقینا به. اذن فقولی ان زیاد بن حنظلة التمیمی وعاصم بن عمرو التمیمی من مختلقات سیف انا راجع عنه لابحث الرجلین بحثاموسعا مثلما بـحثت القعقاع ثم اعطیكم النتیجة فیما بعد، وكذلك عبد اللّه بن سباهو تحت البحث والدراسة ولا اجـزم بـنـفی وجوده وان كنت اجزم ببطلان دوره فی الفتنة لاننی وجدت الادلة علی الامر الثانی بعكس الاول فاننی لم ابحثه بحثاموسعا مقنعا.

4 - كـنـت قـد ذكرت فی الحلقة الماضیة ان الناس فی القعقاع الیوم ثلاثة اصناف صنف ینفیه مطلقا وصـنـف یـثبته مطلقا بما فیه من تضخیمات سیف وصنف ثالث یراه مضخما فیه من قبل سیف وان لم ینكر وجوده وذكرت ان الصنف الثالث متقارب مع الاول والصواب ان هذا القسم (الثالث) وسط بین الـحـالـتـین یقترب ویبتعد حسب المساحة التی تكون لسیف بن عمر عنده. فهناك من ینكر 90%من التضخیمات وهناك من ینكر 10% فقط فالاول قریب من الاول والثانی قریب من الثانی.

5 - ذكـر لی بعض الاخوة ان قولی بان القعقاع شخصیة مختلقة ثم احتمالی الضعیف بانه ربما یكون رجـلا عادیا ضخمه سیف ان هذا تناقض او شبیه بالتناقض رجوعی الی تراجمه وروایات سیف عنه رایت، نفی وجوده بالكلیة دون ادنی احتمال.

لان الـنسبة القلیلة من الاحتمال لو (حشرناها) فی مثل هذه المسائل العلمیة لقیدت كثیرا من الامور واكـثـر هـذه الاحـتـمالات الضعیفة (وساوس) لااساس لها، وهذه الاحتمالات تدخل مع تصحیح الاحادیث وتضعیفها. فكل حدیث صحیح قد تدخل فی النفس احتمالات ضعفه وكل حدیث موضوع قد یدخل فی النفس احتمال صحته وبهذا لا نستطیع التمسك بالمنهج ویسبب لنا (ازدواجیة) فی التطبیق فـلـذلك انا اجزم باختلاق سیف بن عمر للقعقاع دون النظر فی (وساس)الاحتمالات واشكر الاخ الاستاذ عبد اللّه القفاری علی هذه الملحوظة.

6 - ذكر لی فضیلة الشیخ عبد اللطیف بن عمر آل الشیخ اننی اخطات فی (تحمیل اصحاب الرسائل الجامعیة) تلك الاخطاء التی نشرتها وقال ان الخطاالاكبر علی المشرفین والمناقشین والاقسام التی اجازت هذه الرسالة واعطت الامتیازات مع ان تلك الرسائل فیها القوی كما اشرنا سابقا.

وانا معترف للشیخ عبد اللطیف بان النقد كان اكثره منصبا علی الطلاب مع ان المقالات التی نشرتها لم تـسـكت عن الاقسام والمشرفین والمناقشین لكن - كما ذكر الشیخ - بان الخطا الاكبر لیس علی الـطالب وانما علی المشرف والمناقشین ولعل فضیلة الشیخ عبد اللطیف یشارك فی نقد الطریقة او (الالـیـة) الـتـی تـسـیرعلیها الاقسام والجهات المتخصصة تلك الالیة التی تسبب فی وجود مثل هذاالضعف فی الرسائل الجامعیة.

وقـد ذكـر لـی الـدكتور عدنان الشریف - استاذ تاریخ بجامعة ام القری - قریبا من هذا فذكر ان الطالب یجبر- احیانا - علی موضوع معین لا یتفق مع اهتماماته العلمیة عن الطالب بقدر ما تعبر عن القسم الذی اجبره علی اختیار موضوعها.

وكنت ارجو من الطلاب ان ینشروا تجاربهم مع الاقسام وینتقدوا هذه (الالیات) التی لا نعرف عنها الا القلیل وكلامی هنا منصب علی (الرسائل التاریخیة) وقد تكون للرسائل الاخری متاعب مشابهة.

واخـیـرا: هـذه ابـرز الاخطاء التی وقعت فیها وقد اكتشف اخطاء اخری بنفسی عن طریق بعض الاخوة بل اننی اكتب المقال الیوم واظنه خالیا من الاخطاء ثم اقرؤه غدا واكتشف بعضها وهذه سمة غالبة علی كل الاعمال العلمیة وطلبة العلم بحمد اللّه لا یدعون العصمة ولا یستطیعون لكن تنقصهم الشجاعة فی الاعتراف بالخطا نتیجة لعدم ادراكهم للمعنی الحقیقی لكلمة (العلم) واذا كـنـت اعترف باخطائی التی وقعت فیها فمن باب اولی الا اتبع الاخرین فی اخطائهم وان لمح بـعـضـهـم الی اننی قلدت هؤلاء الابحاث السابقة وانقدها ایضا.

ولـی، تـعـقـیـبات قد انشرها قریبا علی الدكتور طه حسین والسید مرتضی العسكری كما ان لی ملاحظات علی بحث استاذنا الدكتور عبدالعزیز الهلابی (عن عبداللّه بن سبا) لكن تلك الملاحظات لا تقدح فی النتیجة التی توصل الیهالكنها تجعلنی اتوقف فی متابعة تلك النتائج بكل تفاصیلها.

ارجـو ان نـكون جمیعا علی استعداد للتعرف علی المنهج الصحیح ثم العودة الیه وعدم الالتفات الی الناس ما دام الحق هو الهدف النظری الذی یعلنه الجمیع.